يظلّ الحوار الحضاري والتسامح والسلام والمحافظة على حقوق الإنسان -أيّاً كان موقعه-، ومساندة القضايا العادلة والمحافظة على مقدّرات الشعوب؛ مرتكزات أساسية لاستقرار العالم وتوازنه وتحقيق سويّته الأخلاقية. من هنا تكتسب القمم الثلاث (الخليجية والعربية والإسلامية) التي احتضنتها مكةالمكرمة؛ أقدس البقاع وأطهرها، رمزيّة كبيرة من حيث شرف المكان والزمان؛ تلك القمم التي جاءت في وقت عاصف ودقيق تمرّ به المنطقة. وقد جاءت ملبّية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعقدها لمناقشة السلوك الإيراني المنطلق من أيديولوجياته العدائية ذات السّمْت الفاقع؛ والمتمثّل على الهجمات الأخيرة على المملكة والإمارات العربية المتحدة من بينها الهجمات الإرهابية التي طالت سفناً تجارية في المياه الإقليمية للإمارات، وما قامت به ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران من الهجوم على محطتي ضخ نفطيتين في السعودية كل هذا يؤكد المسلك الشائن الذي تصرّ إيران على تجذيره خالقة بذلك الفوضى، ومحاولة فرض مظاهر العُزلة وبث الفرقة وترهيب الآخرين. من هنا تبرز قيمة المكان المقدس الذي يضم القمم الثلاث كرسالة سلام توجهها المملكة للعالم وتكشف بها مضامينها حول سماحة الإسلام وتنشر بها قيم الوسطية والاعتدال، من خلال المؤتمر الدولي الذي تنظمه في مكةالمكرمة رابطة العالم الإسلامي وتكمن في استيضاح المملكة لدورها الريادي عبر التاريخ في استباقها لاحتواء القضايا العربية والإسلامية بما تمثله من عمق استراتيجي وديني للدول الخليجية والعربية والإسلامية لتوحيد صفوف المسلمين وبث روح التسامح والتعايش مع العالم، ومحاولة إلجام كل من يحاول إلحاق الضرر بالمملكة وقبلة المسلمين مكةالمكرمة؛ لتعبّر المملكة من خلال القمم الثلاث أن هناك خطراً محدقاً يتمثل بمن يحاول أن ينهش من وحدة الصف ويحاول المساس بالمقدسات الإسلامية. وفي ظل التهديدات المتوالية من إيران عبر الحرس الثوري الإيراني واستهدافها بعمليات إرهابية، للحدود الدولية للمياه السعودية، بهدف استفزاز السلطات السعودية ومحاولة إحداث المشكلات معها في محاولة بائسة للنيل من المنشآت النفطية السعودية أفقدتها بذلك التصرف المتهور وسلسلة تخبطاتها السياسية احترام العالم وأحاطتها بسياج الإرهاب الدولي بما يندرج تحته من دعم وتمويل الميليشيات المسلحة لاستهداف المملكة والخليج من اختراقها للحدود البحرية على الخليج العربي. إيران هي ذات تاريخ مليء بالتجاوزات المقصودة مما يشكل آثاراً خطيرة على السلام والأمن الإقليمي والدولي. والعمل الإرهابي والتخريبي الذي قامت به إيران في المملكة، وفي الخليج العربي ضد منشآت حيوية، لا تتقصد السعودية بها وحسب، وإنما تستهدف أمان إمدادات الطاقة للعالم، والاقتصاد العالمي، وفي هذا الشأن أصبح التصدي للجهات الإرهابية أمراً لزاماً على المنظمات التي تُنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية. إن الأحداث المتسارعة في المنطقة -في الإمارات- إلى استهداف المنشآت النفطية في المملكة، انعطاف على الخلاف السياسي الأميركي الإيراني، هذه الأزمات السياسية المتتابعة شكلت تزايد موجات التصعيد بين الطرفين الولاياتالمتحدةوإيران واستخدام الأخيرة لخيارات استراتيجية مختلفة بدأت من محاولة التدخل من أجل التأثير على أمن الملاحة ما دفع الولاياتالمتحدة الأميركية إلى ردع إيران بواسطة التعزيزات الأميركية في الخليج وتوجيه رسالة إلى إيران مفادها أنها المسؤولة عن أي فعل إرهابي تقدم عليه ضد الولاياتالمتحدة أو ضد حلفائها. وتأتي هذه القمم الثلاث في ظل ظروف عاصفة لكل ما يشكل تهديداً مباشراً للمملكة وللدول الخليجية والعربية على إثر الهجوم السابق من ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وهي تداعيات خطيرة ليست على منطقة الخليج العربي فقط، وإنما على السلم والأمن الإقليمي والدولي، وعلى إمدادات أسواق النفط العالمية واستقرارها. [email protected]