يحاول دائماً أن يُوهم الناس أن تركيا صاحبة الاقتصاد المتنامي في زمن قياسي وبمعدلات عالية لم يسبق لها مثيل، وأن تحقيق تلك المعجزة الاقتصادية أغضبت الغرب وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة، التي أخذت تستغل كل فرصة للإطاحة بهذا النظام الذي يهدد مطامعها في المنطقة. مع الأخذ بعين الاعتبار أن النظام التركي أحد أعضاء حلف الناتو الذي تتزعمه الولاياتالمتحدة. في الحقيقة تشهد تركيا حالياً أزمة اقتصادية حادة نظراً للسياسات والإجراءات التعسفية والمضطربة التي يتخذها أردوغان. والتي أدت بدورها إلى فقدان العملة التركية ما يقارب من ثلث قيمتها، وهو الأمر الذى ألقى بظلاله على جميع مجالات النشاط الاقتصادي في البلاد، وأثر بالسلب على الاستثمارات. لقد ألقت الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا بظلالها على حجم الاستثمارات الداخلية، لدرجة مغادرة المئات من رجال الأعمال في عام 2018، لتحتل تركيا الترتيب الرابع في قائمة الدول التي هرب منها رجال الأعمال. هذا الانهيار الدراماتيكي للاقتصاد التركي هو النهاية الطبيعية للنموذج الاقتصادي غير الواقعي، تلك الأسطورة الوهمية التي صنعها أردوغان وصدّقها الناس. ولا أدل على ذلك من اعتراف البنك المركزي التركي بوصول عجز المعاملات المالية في عام 2018 إلى أكثر من 27 مليار دولار، فضلاً عن وجود مخاطر ارتفاع معدلات التضخم، مع فجوة كبيرة في ميزان المدفوعات، مع تشاؤم البنوك التي تعاني من تزايد في نسبة القروض المعدومة؛ ولن يقتصر الأمر عند حد الانكماش الذى نتج عن فقدان العملة التركية حوالى ثلث قيمتها لتكون واحدة من أسوأ العملات في الأسواق الناشئة، بل تراجع النمو إلى أدنى مستوى له منذ 10 سنوات. هذا التراجع الذي يشهده الاقتصاد التركي إنما هو نتيجة مباشرة للسياسات الاقتصادية الخاطئة لحكومة الزعيم المُلهم، وهو ما أدى إلى مخاوف المستثمرين من أن حالة الركود قد تطول خاصة بعد التراجع الكبير في تدفقات الاستثمار وتراكم الديون على الشركات. كما تعاني المصارف التركية من أزمة شديدة في الوقت الحالي بسبب عدم سداد القروض التي كانت منحتها في فترات النمو الشديد. إضافة إلى انخفاض القيمة السوقية لبعض البنوك بأكثر من الثلث، ولا شك أن هذا التعثر قد تسبب في ضائقة كبيرة للقطاع المصرفي. إنّ تلك النتائج الكارثية والانهيار الذي أصاب الليرة التركية، وزيادة معدل التضخم بنسبة 20%، وتراجع أسعار كثير من المنتجات والقطاعات وبخاصة قطاع الإسكان، وارتفاع معدلات البطالة، ودخول الاقتصاد مرحلة الركود، وانخفاض الناتج الإجمالي المحلي، وزيادة الدين الخارجي الذي بلغ 240 مليار دولار. تُظهر حجم الادعاءات الباطلة والدعايا المضللة التي انتهجها النظام.