قال عضو مجلس الشورى السابق الدكتور عبدالله الفيفي: إنه من المؤمل اليوم أن ينهض مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الذي بشرت به «وزارة الثقافة»، على أُسسٍ جديدة، وبقُدرات تتناسب مع أهميّته، وما تُعقد عليه من آمال، وأن يستفيد من خبرات المجامع العربيّة التي سبقتنا في هذا المضمار. وبين الفيفي أن الجدليّة الدارجة تقول: إن مجامع اللغة العربية على كثرتها واختلافها قد فشلت في تحقيق أهدافها، فلماذا نكرّر التجربة؟ وإنْ نحن أحسنّا الظن بهذه الحُجَّة، ولم نرها من قبيل الحقّ الذي يراد به باطل، فإنها تنطلق من منطلقات مغلوطة، ذلك أن فشل تجربة لا يعني الحكم بالفشل الحتميّ، بل تجب دراسة أسباب الفشل. مطالباً بالاعتراف أن المجامع اللغويّة العربيّة واقعة بين طائفتين، أولاهما ترى العربيّة ما قاله الأوائل ولا زيادة عليه لمستزيد، وكلّ مغايرة لما قالوه انحراف سلبيّ، والأخرى ترى الإبداع اللغوي يتعارض مع مشروعات تلك المجامع، متناسيةً جهودها في خدمة اللغة العربيّة وتراثها، لا ترى فيها إلا السلبيّات والنقائص، محمّلةً إيّاها فشلها، وفشل غيرها من الجهات التنفيذيّة لقراراتها. مؤكداً على أهميّة قيام مجمع للغة العربيّة في المملكة، لأن كثيراً من علماء اللغة السعوديين هم أعضاء فاعلون في مجامع اللغة العربية في الدول العربيّة، وبلدهم أولى بهم. لافتاً إلى أهداف المجامع اللغويّة ومشروعاتها، من خدمة العربيّة، وتعزيز سيادتها، والحرص على سلامتها، وتعميمها ونشرها، والسعي إلى تطوير وسائل تعليمها، وضبط استعمالاتها، وتوحيد مصطلحاتها العلميّة والفنّيّة، وإحلالها محلّ الأجنبيّ الشائع في المجتمع والأوساط العلميّة والثقافيّة، وإيجاد البدائل العربيّة عمّا يجدّ من مصطلحات واستعمالات، فضلاً عن إحياء التراث العربيّ وتحقيقه. وشدد على أن من أهمّ ما يتوقّع أن ينهض به مجمع الملك سلمان العالمي باللّغة العربيّة والترجمة في بلادنا هو التعريب والترجمة، والتعليم الجامعي باللغة العربيّة كما تفعل كلّ أُمم الأرض الحيّة، التي تُنفق على الترجمة ونقل المعارف إلى لغاتها، وتوطين التقنية في بلدانها، بسخاء لا محدود، مراهنة على هذا النهج في بناء مستقبلها. على أن دور المجامع لن يتمّ ما لم تلتزم وزارة التربية والتعليم، ودُور التعليم المختلفة، والإعلام، والجهات الثقافية، والوزارات والهيئات العامّة، بتنفيذ ما يُصدره المجمع من قرارات. فالعمليّة تكامليّة، وليست ترفًا علميًّا لغويًّا لا يعني سوى شيوخ المجامع، ويترتّب على مخالفة هذا الالتزام مسؤولية تأديبيّة على المخالف. وختم: بحسب المعلن عن مشروع المجمع اللغوي، إنه «عالمي»، وهذا يشير إلى رؤية - نأمل أن تتحقق - في ربط اللغة العربية بالعالم، من خلال التعريب والترجمة، ومن خلال إعطاء المجمع بُعدًا عالميًّا، بوصف اللغة العربيَّة لغة عالميَّة. كما يوحي هذا الوصف بالرغبة في تجاوز بعض العثرات في مجامع اللغة العربية الأخرى.