رمضان مبارك.. ولأنه رمضان الخير والصدقات والصلاة والقيام نتمنى أن يكون استمرار خير بإذن الله علينا جميعاً وعلى بلادنا.. وندعو الله ألا نكون متشنجين منفعلين رغم أنه يعيش الآن مواجهات السياسة وتقلبات الاقتصاد وتعصبات الرياضة.. لكن يا للأسف فهذا الرمضان الكريم بخيره وعطائه أصبح لا ينفك مرتبطاً بالمسلسلات والسهرات والموائد المسرفة. وعليه فما من بد أن تقف على هذه الحال وتحديداً المسلسلات السعودية، ولن أقوم بدور الواعظ أو الرافض، ولا حتى المؤيد المندفع، فما يهمني إن كنّا فاعلين في رمضان وأقصد هنا المسلسلات فيجب أن نقدم العمل الأفضل، وما حفلت به هذه المسلسلات من مد وجزر، ونقد وصل بعضه إلى الإشارة إلى أن الدراما السعودية باتت نسخة حقيقية كاملة مشوهة غير مميزة عن المسلسلات الكويتية. ما تمنيناه أن يكون هناك شيء مؤثر في شهر رمضان، حتى وإن أنقذتنا بعض الشيء دراما القصبي التاريخية عبر الجزء الثاني من مسلسل العاصوف التي خرجت به عن الإبداع الكوميدي الذي كان عليه، في ظل ضياعه بين الكوميديا والتراجيديا!، يقابله التكرار الممل في المسلسلات الأخرى وكأن على أبطالها أن يضحكونا بنفس المشهد أو النكتة التي قالوها العام الماضي. قد يكون مسلسل العاصوف مُعبراً بعض الشيء عنّا من خلال الكوميديا السوداء التي تدور بداخلها.. أما ما عدا العاصوف فإن المسلسلات المعروضة لم تكن تمثل واقع المجتمع السعودي سواء الجانب السلبي منه أو الإيجابي، ولم تكن حتى قادرة على تجسيد الشخصية السعودية من فرط انسلاخ في الرؤية والحبكة وحتى السيناريو.. بل إنها قد فاقمت من بعض الإشكالات عبر قوالب تسمى كوميدية لم ترتق لأجل إقناع المشاهد. المسلسلات المسماة بسعودية تؤكد لك أنها لا تعبر عن أي شيء سعودي حتى وإن مزجوها ببعض القضايا المحلية لكن رائحتها وحوارها وممثليها تقول غير ذلك، بل تلحظ أن البحث عن النكتة والموقف الضاحك يغلب على قيمة الحوار والرسالة التي يريد المشهد أن يوصلها. الجانب الأكثر سخرية في تلك الأعمال، أن هناك تسابقاً محموماً بينها، كل يريد أن يقول: إنه الأقدر على الإضحاك، وبما جعل أبطالها أشبه بالمهرجين التافهين.. وهذا لا يعني أنه ليس هناك من هو قادر على انتزاع الابتسامة بجدارة كما هم بعض شركاء القصبي في العاصوف كعبدالإله السناني والحبيب والمزيني فإمكانات الممثل الأصيل ومخيلته العالية جديرتان بأن تنقذاه وتقوداه إلى الإبداع. الدراما السعودية مطالبة بأن تتطور كتابةً وأفراداً ومنهجاً ومضموناً وبما يجعلها مساهمة فاعلة في تعزيز الصورة النمطية عن هذا المجتمع، بل وتطوير الفهم والإدراك بين الناس، ناهيك عن مساهمتها في حل القضايا الاجتماعية، كما كانت عليه أعمال طاش الأولى.. والدراما حين تتخلى عن أساسياتها ومصداقيتها، فحتماً سوف تفقد أهميتها.. فيا أيها الممثلون السعوديون لا يأخذنكم التسابق المحموم على شهر رمضان عن النموذج الكوميدي الراقي الذي عرفناكم به من قبل.