تبهر موائد الإفطار في المسجد النبوي الشريف مشاهديها ممتدة على مساحات شاسعة داخل الحرم القديم إلى الساحات والأسطح، ومعها يبرز المزيج الثقافي للجنسيات والأعراق واللغات المتعددة التي تلتف حول الموائد في لوحة جميلة يومية، يرسمها أهالي طيبة الطيبة الذين دأبوا على فرش السفر وخدمة رواد الحرم الشريف وتوزيع أنواع متعددة من التمور والخبز والمأكولات والقهوة، ولا غريب في ذلك فمجتمع المدينةالمنورة مطبوع بسجيته على الضيافة والبشاشة والترحاب، وكم تداولت عدسات الزوار صورا ومقاطع شتى تبرز هذه الأصالة، ولاسيما سفر الإفطار التي يتنافس المدنيون - خلالها - على الظفر بالعدد الأكبر من الصائمين، حيث يبدأ الأهالي قبيل الإفطار بتجهيز الآلاف منها بصورة منتظمة وبشكل مترامي الأطراف في جميع الجهات، ويحرص الكبار والشباب والأطفال على تجهيزها وترتيبها في سباق خيري وماراثون سنوي ليس له مثيل عالميا، ويقوم العاملون في الحرم الشريف على تهيئة المرافق، والساحات لتجهيز السفر وإعدادها، وتهيئة جميع السبل للقائمين على تقديمها، وتحديد أماكن وضع السفر، ومواقعها داخل المسجد وخارجه، كما يتم استقبال موائد وسفر الصائمين بعد انتهاء صلاة العصر من خلال أبواب محددة، ويتم الإشراف على دخول تلك الموائد بواسطة مراقبين موجودين على الأبواب، بينما يتم وضع الأطعمة بعد فرش السفر داخل المسجد حتى وقت أذان المغرب، ويبدأ الإفطار ثم يجري قبل إقامة الصلاة رفع هذه السفر وبقايا الطعام بطريقة سريعة، ومنظمة بالتعاون بين العاملين والمشرفين وأصحاب السفر، ويتم تقديم الوجبات وفق اشتراطات عدة، تشمل إحضار فرش مناسب يتسع للمائدة ومن يجلس حولها، بحيث تكون السفر من النوع السميك القوي الذي لا يتمزق عند رفعه من الأرض، وعدم إحضار أي نوع من السوائل أياً كانت، ما عدا اللبن والماء والمشروبات المعبأة آلياً، ويكون تقديم الوجبات في أطباق مناسبة تتوافر فيها الشروط الصحيحة، حيث يرتدي مقدمو الوجبات القفازات اليدوية خلال تجهيز الوجبات وتقديمها، والاكتفاء بما يقدم على السفرة، وعدم توزيع أي شيء خارج موقع المائدة. دعاء وتضرع بالقبول أكبر مائدة متصلة في العالم