تمثل التنمية الإحصائية ركيزة هامة من ركائز دعم خارطة المستقبل لرؤية المملكة 2030. ويشير مصطلح Statistical Development إلى تبني تحول استراتيجي في القطاع الإحصائي في إطار نظام متطور لتوفير البيانات الدقيقة المحدثة لتشكيل القاعدة المتينة التي تبنى عليها قرارات التنمية في كافة القطاعات والمجالات. وقد ازدادت أهمية التنمية الإحصائية بعالمنا اليوم لما نشهده من تطورات اقتصادية واجتماعية وتقنية متسارعة، مما دفع المهتمين للتركيز على المصادر الإحصائية كرافد لمسارات التنمية الشاملة التي تعتمد على حداثة البيانات والمؤشرات، برسم السياسات الاستراتيجية وتطبيق خطط الحوكمة، والاتجاه لنشر الوعي الإحصائي بين قطاعات الدولة وأفراد المجتمع. وقد جاء القرار الوزاري بتاريخ 23 إبريل 2019 بالموافقة على الاستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية (NSDS) National Strategy for the Development of Statistics، ليشكل داعماً حقيقياً لمستقبل قطاع الإحصاء بالمملكة العربية السعودية، كاستجابة مباشرة للمستجدات على الساحة المحلية والدولية، ويعكس ترجمة حية لرياح التغيير التي شملت جميع قطاعات الوطن ومجالاته الحيوية لريادة المملكة إقليمياً ودولياً. لذلك اعتمدت الاستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية على رؤية واضحة المعالم للنظام الاحصائي الوطني للنهوض به لتحقيق المستويات المأمولة في ضوء رؤية المملكة 2030، لتكون قاعدة لإطار شامل تنبثق منه المحاور الأساسية والأولويات في ظل التقييم المستمر للاحتياجات المتجددة للجهات المستفيدة والتطوير المتواصل لتلبية هذه الأولويات. وتعد الاستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية الاستراتيجية الأولى من نوعها على مستوى المملكة، بإشراف مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات التي اعتمدت المعايير الدولية لبناء شراكة حقيقية تضمن تبني الاستراتيجية من قبل المعنيين لتكون الأساس للإدارة الاستراتيجية للنظام الاحصائي الوطني وتفعيل الموارد الوطنية والدولية؛ وجعلت من أولوياتها بناء الثقة في الإحصاءات الرسمية في رصد مدى تحقيق مؤشرات التقدم والأداء لدعم خطط التنمية الشاملة ومساراتها. وفي سبيل تحقيق هذه الرؤية الطموحة، ترتكز الاستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية على خمسة محاور رئيسة، وترسم أهدافاً بعيدة المدى حتى عام 2030م. فقد تضمنت الاستراتيجية محاور حيوية في العرض والطلب من خلال استخدام البيانات والمعلومات الإحصائية وانتاجها للمستفيدين في ضوء أحدث المعايير للجودة الإحصائية. كما تضمنت محاور الاستراتيجية محور التقنيات الحديثة لتوظيف دورها في قطاع الإحصاء وإرساء بنية ذات جودة عالية، تعزز تطبيق محور الحوكمة لضمان الثقة والشفافية والتطوير المستدام. ومن زاوية أخرى لم تغفل الاستراتيجية الوطنية محور الوعي الاحصائي ونشر الثقافة الإحصائية، وهو ما نحتاجه فعلياً لتعزيز ثقافة الإحصاء والتوعية بدوره ومخرجاته الوظيفية في شتى القطاعات. فقد أصبح مجال الإحصاء يلعب دوراً حيوياً على كافة المستويات، وأصبح الطالب والمعلم والطبيب والعاملين في شتى المجالات بحاجة مستمرة للبيانات الإحصائية المحدثة باستمرار لدعم صنع القرار ونتائج الأبحاث العلمية وقياس مستوى الأداء، وعلى الرغم من ذلك، فلا يزال المجال الإحصائي في بعض القطاعات يعاني من الدخلاء على علم الإحصاء، ومن خلال مشاهدات واقعية يعاني العديد من طلاب الجامعات من الاستغلال التجاري لهم من بعض المراكز والمحللين الإحصائيين لتقديم الخدمات الإحصائية التي تتطلبها مشروعاتهم البحثية. مما يدعم أهمية توجه وزارة التعليم للمشاركة في دعم الاستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية عبر استحداث مقررات دراسية بمجال الإحصاء بالتعليم العام، وتطوير تدريس مقررات الإحصاء بالتعليم العالي بضوء معايير دقيقة لضمان جودة المخرجات التي تتوفر لديها الكفايات اللازمة للتحليل الإحصائي، والقدرة على تمييز الخدمات الإحصائية المقدمة من المراكز والمحللين لضمان عدم الاستغلال التجاري لأفراد المجتمع أو الوقوع ضحايا للأخطاء الإحصائية التي تؤثر تأثيراً مباشراً على نتائج المشروعات العلمية.