كما هي الهمم العالية، والإرادة القوية التي تدفع بالشاب الطموح نحو مراكز الصدارة، وجد قياديون في شركة الزاهد للتركتورات بريق طموح وملامح عزيمة قوية في عيني شاب سعودي تخرج حديثاً من أحد معاهد التدريب المهني، فقرروا توظيفه في أحد خطوط الإنتاج في مصنع شاحنات فولفو العام 2002 م. مرت السنوات والشاب متعب العمري يُبدي للإدارة كل يوم جدية كبيرة في الالتزم والانضباط، حتى بدا مميزاً في عمله، مما جعل الإدارة تضع عينها على الشاب العمري الذي كان شغوفاً لتحقيق طموحاته في تحقيق التميز الوظيفي والأداء المهني. الجدية وتطوير الذات نقلاه من وظيفة فني إلى أحد خبراء مراقبة الجودة على مستوى العالم ما هي إلا سنوات حتى بدأ الشاب يلفت نظر القيادات المتخصصة في مراقبة الجودة من شركة الزاهد ومن شريكها شاحنات فولفو، فبدؤوا يضعونه في مواقف ومهام ليست سهلة، فأبدى العمري تفوقاً وروحاً قيادية جعلته محل اهتمام الشركتين. يقول الشاب متعب العمري: بدأت عملي كموظف بسيط في أحد خطوط الإنتاج في الشركة العربية لصناعة السيارات والشاحنات المحدودة، وبعد سنوات من المثابرة، رأى القائمون على مصنع شاحنات فولفو أن لدي اهتماما بمسألة الجودة، فألحقوني بهذا القسم على المستوى الأول، وكان هذا بمثابة تحدٍ جديد لي، فقررت الاستمرار بروح المقاتل الجاد في سبيل تحقيق النجاح، صادف في تلك الفترة العام 2007م أن شركة شاحنات فولفو أقامت في المغرب ورشة عمل حول الجودة، واختاروا من كل دولة موظف أوموظفين. ويضيف العمري: وقد كان هناك اختبارات متعددة ومعقدة، وقد حققنا المركز الأول في هذه التجربة، وكانت هذه أولى تجارب تحقيق النجاح والتميز خارج مصنع شاحنات فولفو بالمملكة، بعدها جاءني اتصال من السويد من شركة فولفو للذهاب إلى تونس لأقوم بتدريب شخص هناك ليتولى مراقبة الجودة في المصنع بتونس، وكان من ضمن مهامي تقييم مستوى الجودة في المصنع، وأنجزت المهمة، وحصلت على شهادة وخطاب شكر. بعدها تم اختياري من قبل شركة شاحنات فولفو للوقوف على الجودة في مصنع الشركة في الهند وتقييم مستواها، وبالفعل ذهبت إلى هناك، وكنت واحدا من فريق مكون من أكثر من شخص من مختلف دول العالم، وقد حققت تميزاً بفضل الله، ونلت إعجاب الخبراء الموجودين في الفريق. وأضاف: بعدها أصبحت عضواً في فريق الشركة العالمي لمراقبة الجودة، ثم تم تكليفي بالذهاب إلى بلجيكا العام 2013، وأجروا لنا اختبارات غاية في الصعوبة وهي التي تؤهل للحصول على شهادة مراقب جودة من المستوى الثاني، وقد تميزت بأنني كنت العربي الوحيد في تلك الفعالية، حيث اجتزتها بالحصول على تقييم عالٍ، وقد كنت واحدا من ثلاثة حصلوا على مستوى عالٍ لمراقبة الجودة، بعدها تم تكليفي بأكثر من مهمة في جنوب أفريقيا والهند وذلك لتقييم الجودة في مصانع الشركة هناك، وأنجزتها بنجاح -ولله الحمد-، وتم منحي رقم مستخدم في الشركة كمقيم جودة، هذا يعتبر مستوى متقدما. بعد ذلك تم تكليفي العام 2017 لدراسة شاحنات جديدة في مصنع لشركة فولفو في تايلند والذي سوف يتم تجميعها في جنوب أفريقيا ولم يسبق التعامل معها من قبل، وقد ذهبت إلى هناك وقد تمت المهمة بنجاح والحمد لله، ثم ذهبت إلى جنوب أفريقيا كذلك لمتابعة الشاحنات التي ذهبت إليها في تايلند، وبقيت هناك ستة أشهر حيث أسست لهم هناك معايير الجودة الخاصة بالشركة. وبعد مهمة أخرى في مصنع فولفو في الهند، تم منحي شهادة مقيم جودة عالمي من قبل شركة فولفو. ولذلك أنا أعتبر أول شخص يحصل على هذا التقييم من خارج شركة فولفو؛ لأنني «أعمل في شركة زاهد لتراكتورات التي تعتبر شريكا مع شركة شاحنات فولفو، كما أنني أعتبر أول عربي وخليجي وسعودي يحصل على المستوى الثالث وهو أعلى مستوى في تدقيق الجودة». ويبدو متعب العمري ممتناً لشركة الزاهد، الشركة التي أتاحت له الفرصة للعمل في هذا المجال، ومنحته الثقة التي كانت كفيلة لتقدمه وظيفياً حتى لفت أنظار خبراء شاحنات فولفو، يقول متعب: أتذكر جيداً نهاية العام 2001م حينما ذهبت مع والدي إلى مجموعة الزاهد بحثاً عن عمل، ووجهوني حينها إلى مصنع الزاهد لشاحنات فولفو، ولم أكن آنذاك أتمتع بمهارات تذكر، ولم تكن لغتي الإنجليزية جيدة، وقد التحقت بدورة لتعلم اللغة الإنجليزية في معهد الزاهد للتدريب العام 2006م، وقد بدأت بشكل جاد، وتفانيت كثيراً في العمل على الرغم من أن وظيفتي بسيطة فني في أحد خطوط الإنتاج، وحقيقة أنني كنت أعمل في مكان يقدر الكفاءات، ويرعاها، ما جعلني اجتهد كثيراً في نيل ثقة الإدارة، وكنت أعلم أهمية اللغة الإنجليزية، لذلك عملت على تطويرها، وكان معي زميل لا يتحدث العربية، فكنت أعلمه سبع كلمات عربي في اليوم على أن يعلمني سبع كلمات إنجليزية، ما ساهم في تحسن لغتي الإنجليزية، كما أنني كنت منضبطاً بشكل تام، وهذا مؤشر دائماً لدى الإدارة على جدية الموظف، مما جعل مهمتي تصبح أسهل في التقدم، وقد حظيت بدعم كبير من قبل شركة الزاهد وعلى جميع المستويات، ما كان له الأثر في تحقيق كل ما حصلت عليه، وقد تم تكريمي الأسبوع الماضي في مقر عملي من قبل الشركة، وتكريمي كذلك من قبل أعضاء مجلس الإدارة بالشركة، وهذا ليس بالغريب على شركة الزاهد، فقد كانت مبادرة دائماً تجاه منتسبيها، وكانت تتفاعل بشكل مستمر مع الأوامر الملكية وتمنح موظفيها السعوديين الرواتب والمزايا أسوة بما يحصل عليه موظفو القطاع العام في المناسبات الوطنية، ولذلك أنا أهدي أي إنجاز حققته لإدارة الشركة ولأعضاء مجلس الإدارة، وقبل ذلك لوطني الحبيب. وأثنى العمري على تعامل شركة الزاهد مع منتسبيها، وقال: شركة الزاهد تتعامل منتسبيها كفريق واحد، وتفتح أمامهم آفاق أكثر اتساعاً، فهي لا تحصر الموظف في وظيفته التي يعمل بها، وإنما تعده شريكاً مهماً، فتفتح له أبواب المشاركة بالرأي والاقتراح في سبيل تطوير العمل، وتمنح المبادرين في هذا الاتجاه جوائز وحوافز، ما يشعرهم بروح الفريق الواحد. وحول سؤال عن المسؤولية على الشاب السعودي في تحمل المسؤوليات والمبادرة لإثباب الذات في شركة من القطاع الخاص، قال العمري: قطاع الأعمال والقطاع الخاص منفتح على الشباب السعودي منذ عقدين، لكن كانت المشكلة التي تواجه الشركات السعودية عدم جدية بعض الشباب وعدم اقتناعهم أصلاً بالوظيفة في هذا القطاع، لكن الأمر يبدو أنه تغير مؤخراً، وأصبح الشاب السعودي جاداً ومخلصاً في عمله. وهذا شجع شركات القطاع الخاص، وخاصة الكبرى والقيادية في استقطاب الشباب وتشجيعهم ومنحهم الفرص ليكونوا قيادات فاعلة ومؤثرة، ويجب علينا كشباب أن ندرك حساسية اهتمام القطاع الخاص بالإنتاجية، فهذا القطاع جاد، وليس لديه وقت مهدر، ويسعى للتطور المستمر، لذلك علينا كشباب أن نتماشى مع هذا التوجه، وأن نقدره ونتفهمه. العمري أثناء إحدى المهام في مصنع فولفو متعب العمري