"يقوم الوطن لينحني إجلالاً لأرواح أبطاله، وتغيب الشمس خجلاً من تلك الشموس".. بقلوب تعتصر حرقة ولوعة، وعيون تنتصر، ودعت مصر مطلع الشهر بطلاً من أبطالها بعدما استيقظ أهالي حي النزهة بالقاهرة على حادث إرهابي غاشم استهدف قوة أمنية، حينما كان النقيب ماجد عبدالرازق الضابط في جهاز الشرطة المصرية، يقود قوته الأمنية فجرًا وعند الاشتباه في سيارة متوقفة توجه مع أفراد القوة نحوها ولكنهم فوجئوا بشخص يخرج من السيارة حاملاً بندقية آلية وأمطر رجال الأمن بوابل من الرصاص أسفر عن اغتيال النقيب ماجد وسائق السيارة، وإصابة أميني شرطة. وجرت الأقدار أن يكتب ل"ليلى" ابنة النقيب ماجد أن تقضي في الدنيا يومها العاشر يتيمة دون أب، وتشارك محمولة على الأيدي في جنازة مهيبة لوالدها، أما زوجته المكلومة "سارة طاحون" فقصتها أصبحت يتداولها القاصي والداني وكأنها على موعد مع شهر أبريل لتودع فيه أضلعها؛ فالأم الأرملة فقدت كذلك والدها العقيد وائل طاحون، مفتش الأمن العام بإدارة البحث الجنائي بوزارة الداخلية المصرية، في حادث إرهابي مماثل وقع في أبريل من العام 2015م. رصاصات غادرة فتكت بجسدي الزوج ومن قبله الأب، تركت جراحاً لن تلتئم في قلب امرأة حديدية صبرت وتحملت ألم فراق فارسيها، فقد يرى الناس الجرح الذي في رأسها ولكنهم لا يشعرون بالألم الذي تعانيه بسبب يد الغدر والخيانة. علينا جميعاً مسؤولية أن نستذكر كل شهيد في أوطاننا كذكرى بطولاتهم وأيّام استشهادهم وأن لا ننسى أن الغادرين الذين قتلوهم لم يكونوا سوى عملاء مأجورين هدفهم زعزعة أمن واستقرار بلداننا تنفيذاً لمخططات خارجية تسعى واهمة لتقسيم المنطقة وتفتيت نسيجها، وتخشى قوة اتحادنا وصلابتنا وتماسكنا. وعلى الرغم من أن موضوع مكافحة الإرهاب مدرجٌ على قائمة أولويات دول العالم منذ عقود من الزمن، إلا أن التحرك الكبير نحو هذه القضية جاء بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وأمسى الإرهاب محط اهتمام جميع دول العالم بعد أن أصبح أبرز ظاهرة في القرن الواحد والعشرين، ناهيك عن تطور ظاهرة الإرهاب إبان العام 2011م وأحداث ما يسمى "الربيع العربي"، حيث تنوعت أشكال الإرهاب وأعيد انتشاره بأشكال مختلفة استهدفت مواقع استراتيجية للعديد من الدول. ولا يمكن فهم أواصر الإرهاب دون تناول "التطرف" باعتباره مشتل الإرهاب ومصنع الميليشيات، حيث يتحول الفكر إلى سلوك أو ممارسة ظاهرية مبنية على أساس العنف كأداة لتحقيق الأهداف التي نشأ عليها الفكر المتطرف. ويرتبط مفهوم "التطرف" بالجمود الفكري الذي لا يقبل الآخر ولا يقبل فكرة التعايش ويعتمد على التعصب الرافض لأي رأي. ويشير مؤشر الإرهاب العالمي (GTI) الذي يصدر نهاية كل عام عن معهد الاقتصاد والسلام الدولي (IEP) في أستراليا، إلى أن العراق يحتل المرتبة الأولى على رأس قائمة الدول الأكثر تأثراً بالعمليات الإرهابية، وتشمل قائمة العشر دول الأوائل: "العراق، أفغانستان، نيجيريا، سوريا، باكستان، الصومال، الهند، اليمن، مصر، الفلبين"، فيما تحتل الولاياتالمتحدة الأميركية المركز 20، وجاءت المملكة المتحدة في المرتبة 28، وفرنسا في المركز 30، وروسيا في المركز 34، والصين في المركز 36، وألمانيا في المركز 39، وذلك من أصل قائمة تضم 138 مركزاً.