لم يكن الحوثي سوى لغم إيراني لتفخيخ اليمن والمنطقة، وقد انفجر في وجه اليمنيين مستخدماً كل أشكال العنف ووسائل التدمير والقتل المحرمة دولياً، وظلت إيران تمد ميليشياتها بقطع وخبرات صناعة الموت وتنويع أساليب القتل الخفي من خلال دعمهم بعناصر ومستلزمات التصنيع والقِطع المطلوبة وتدريبهم على إنتاج وتخزين وتطوير الألغام المحرّمة دولياً وطرق استعمالها بشكل عشوائي. ودأبت الميليشيا على توسيع زراعة الألغام وتلغيم كل منطقة يمنية يتمكنون من احتلالها كوسيلة فعالة لإبادة اليمنيين وتقييد حركتهم وتعطيل حياتهم وجعلهم مكبلون بخطر الموت المتربص بهم، وحينما انطلقت عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية في 26 مارس 2015 كانت ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران قد حولت اليمن إلى أكبر حقل ألغام في الشرق الأوسط وجعلت اليمن يعج بالألغام. عاصفة تطهير اليمن من هنا أطلق بعض اليمنيين اسم عاصفة تطهير اليمن على عاصفة الحزم في إشارة إلى أن العملية التي أطلقها التحالف العربي لم تقتصر فقط على العمليات العسكرية الجوية وإنما عملت على تطهير الأرض اليمنية من خطر الميليشيا وجرائم التفخيخ وتعطيل وتفكيك منظومة إنتاج الألغام ناهيك عن أن العمليات دمرت جزءًا كبيرًا من مخزون الحوثيين من الألغام المضادة للأفراد خلال أربع سنوات. بالإضافة إلى أن عمليات التحالف العربي بقيادة المملكة حاصرت إلى حد كبير سُبل تقديم الدعم والخبرات في مجال تصنيع واستخدام الألغام المقدمة من إيران وحزب الله الإرهابي، كما ركزت في أحد أهم جوانبها على نزع وإزالة تلك الألغام المحرمة دولياً باعتبارها خطراً يهدد حياة اليمنيين وقد أنقذت جهود التحالف عشرات الآلاف من اليمنيين من هذا الخطر. «مسام» جهود متواصلة لنزع اللغم الإيراني من جسد اليمن وبما أن عاصفة الحزم وعمليات التحالف العربي أخذت على عاتقها إنقاذ اليمن أرضاً وإنساناً، فقد سعت منذ وقت مبكر إلى إزالة الألغام التي تعد الخطر الأكبر على حياة المدنيين. وفي حين تقوم إيران بتدريب عناصر ميليشياتها الحوثية على إنتاج وزرع الألغام بشكل عشوائي، بادرت قيادة التحالف العربي منذ انطلاقها إلى تدريب أفراد من الجيش الوطني اليمني على نزع وإزالة تلك الألغام، وتنفيذ مشروعات دعم مراكز تأهيل المصابين والأطراف الصناعية. ألغام الحوثي فاقت جرائم داعش فضلاً عن تقديم مشروعات إقامة دورات تثقيف وتوعية حول مخاطر الألغام وخدمات الدعم النفسي للأطفال والنساء خاصة الحوامل والمرضعات والأسر المتضررة، من خطر مزارع الموت التي تخلفها ميليشيات الحوثي الانقلابية كجزء من جهود التحالف الهادفة إلى إعادة الحياة لليمنيين في مواجهة وسائل الموت الإيرانية والتي تعد الألغام الأرضية أخطر تلك الوسائل لاسيما في ظل إنتاجها واستخدامها بشكل واسع من قبل الحوثيين وعلى نطاق لم تحققه قوات تنظيم داعش في العراق وسورية من قبل على حد تأكيد جيمس بيفان، المدير التنفيذي لمنظمة Conflict Armament Research المعنية بالتسلح في النزاعات. وتبذل قوات التحالف العربي في إطار عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل جهوداً كبيرةً لإزالة خطر الألغام الذي قالت منظمة أطباء بلا حدود إنه يعرض حياة المدنيين في اليمن إلى خطر على مدى عقود. حصار الألغام وفي تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود بعنوان الناس في اليمن محاصرون بالألغام، ميليشيا الحوثي زرعت آلاف الألغام والعبوات المتفجرة بين الطرقات والحقول في الحديدة، وأكدت أن الضحايا الرئيسيين الذين طالتهم هذه الألغام لم يكونوا سوى المدنيين الذين تعرضوا للقتل أو فقدان الأطراف أو التشوهات التي ستبقى تلازمهم مدى الحياة، كما أشارت إلى أن الجيش اليمني قام خلال الفترة بين 2016 و2018 بنزع 300 ألف لغم. الجدير بالذكر أن منظمة هيومان رايتس ووتش اتهمت الميليشيا باستخدام ألغام أرضية مضادة للأفراد محظورة أدت إلى مقتل وتشويه مئات المدنيين وأعاقت عودة النازحين إلى منازلهم، واعتبرت استخدام الحوثيين للألغام الأرضية المضادة للأفراد جرائم حرب وانتهاك لقوانينها، ودعت الحوثيين إلى الكف عن استخدام الألغام الأرضية واحترام معاهدة (أوتاوا) التي تحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد. مسام وفي مواجهة ارتفاع خطر القاتل الخفي ومع زيادة انتشار زراعة كميات كبيرة من الألغام، بأشكال متطورة ومبهمة على شكل صخور ملونة واسطوانية وألعاب أطفال ومواد بناء ومجسمات تحاكي الأرض والطبيعة اليمنية، وإزاء تعمّد الميليشيا بتوسيع نطاق زرع الألغام في قلب المدن والأحياء السكنية والقرى المأهولة بالسكان والطرقات والمنازل والمدارس والمرافق العامة والمزارع وأماكن الرعي والمساجد، على نحو أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا في صفوف المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء، فقد أطلقت المملكة العربية السعودية في يونيو 2018 مشروع (مسام) المتخصص بنزع الألغام في اليمن، بتنفيذ من كوادر سعودية وخبرات عالمية. وتهدف المملكة من المشروع تطهير الأرض اليمنية من جرائم المشروع الإيراني التفخيفي وإزالة الألغام الأرضية بمختلف أشكالها وصورها وتدريب كوادر وطنيه يمنية على نزع الألغام ووضع آلية تساعد اليمنيين على امتلاك خبرات مستدامة لنزع الألغام للتخفيف من معاناة وآلام المصابين ومساعدة الشعب اليمني على التغلب على المآسي الإنسانية الناجمة عن انتشار الألغام. مليون لغم يُشار إلى أن الميليشيا زرعت أكثر من مليون لغم في مختلف المحافظات اليمنية منذ عام 2014 وحتى عام 2018، وأسفرت عن سقوط ما يقارب 12 ألف قتيل وجريح غالبيتهم من النساء والأطفال منذ عام 2015 بحسب تقرير للتحالف لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد) الذي أكد أن اليمن أصبح أكبر دولة ملغومة بعد الحرب العالمية الثانية. ويمضي التحالف العربي ومن خلال المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام) في جهود تطهير اليمن من الألغام الحوثية المحرمة دولياً، وقد تمكنت فرق المشروع منذ انطلاقه في يونيو 2018 وحتى منتصف الشهر الجاري من نزع 50152 لغماً، فيما أكد مدير عام المشروع، أسامة القصيبي أن جهود نزع وتفجير وإتلاف الألغام التي تنفذها فرق مسام لن تتوقف إلا بعد أن يتم انتزاع آخر لغم في كل المحافظات اليمنية التي يستهدفها المشروع. نجاحات رغم الصعوبات حجم النجاحات التي يحققها مسام يأتي رغم الصعوبات والتحديات الكبيرة التي تواجه الفرق الهندسية أثناء جهود البحث على الألغام المزروعة بكثافة وبطرق تمويهية وفي ظل افتقارها للخرائط، ويعتقد مدير المشروع بأن الميليشيا لا تسلم خرائط الألغام التي زرعتها في الوقت الحالي، وذهب إلى التشكيك بوجود خرائط من الأساس، مشيراً إلى أن الطريقة التي تمت زراعة الألغام بها لا توحي بذلك. مصدر التفخيخ وتورطت إيران بانتهاك اتفاقية حظر الألغام أوتاوا الدولية من خلال تزويد الحوثيين بألغام إيرانية الصنع وضلوعها في تدريب عدد من عناصر الانقلابيين على صناعة ألغام محلية بأعداد كبيرة بحسب تقارير دولية وثقت عدداً من الأدلة والوثائق الدامغة على تورط إيران بذلك. وقد كشف تقرير بريطاني أن المكونات الإلكترونية المستخدمة في الألغام والعبوات المتفجرة هي إيرانية خالصة، وتشمل أجهزة تحكم إلكتروني، وأجهزة استشعار، وأجهزة إرسال واستقبال، وأكد أنه جرى تصنيعها في طهران عام 2008. كما أن تقرير صدر أواخر العام الماضي عن مركز بحوث مراقبة التسلح البريطاني (CAR) وجد أن الميليشيات تمتلك ماكينات تصنيع متفجرات محلية، ذات مكونات إيرانية المنشأ، لها قدرات عالية على إنتاج العبوات الناسفة والألغام بأنواعها، وقد جمع المركز عدداً من الأدلة التي تظهر أن الميليشيا استخدمت كميات هائلة من الألغام المصنعة محلياً بأدوات إيرانية.