المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية الشقيقة تربطهما علاقات تاريخية متجذرة ونمو مطرد في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية وغيرها، تتوجها الزيارة الحالية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- والتي تجسد عمق ومتانة العلاقات الثنائية وأواصر الأخوة بين البلدين. ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- مقاليد الحكم، واصل دعم ما سارت عليه المملكة من سعي لتعزيز أُطر التعاون في مختلف المجالات، والوقوف مع تونس والتونسيين بشكل خاص. وترتقي العلاقات السعودية التونسية بأهميتها إلى مصاف العلاقات الثنائية المميزة، لما للبلدين من مكانة عالية على الخريطة السياسية والجغرافية، ويحرص البلدان على زيادة تفعيل آليات التعاون وتعزيز العلاقات، لتحقيق تطلعات قيادات البلدين. وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- التي يقوم بها إلى جمهورية تونس الشقيقة تأكيدًا على عمق العلاقات السعودية - التونسية المميزة، وتظهر ما يكنه -حفظه الله- لتونس قيادة وشعبًا من محبة وتقدير، كما تؤكّد أيضًا الزيارات المتبادلة بين القيادات السعودية والتونسية عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين. وتمتاز العلاقات بين البلدين بعمقها ومتانتها حيث دأب قادة البلدين على تبادل الزيارات فيما بينهما، فقد شهد العام 1437 ه لقاءً بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -رعاه الله- وفخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، وذلك خلال الزيارة التي قام بها فخامته للرياض، حيث أشاد في تصريحات إعلامية بالعلاقات الأخوية التي تربط البلدين الشقيقين، ووصفها بالتاريخية والمبنية على الاحترام المتبادل والتشاور المستمر، وقال فخامته "علاقات تونس مع المملكة العربية السعودية يرجع تاريخها إلى الملك عبد العزيز -رحمه الله- والزيارة التي قام بها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إلى المملكة، والتي كان لها تأثير بالغ في مستقبل تونس". كما شهدت الأعوام التالية عدة لقاءات بين القائدين على هامش القمم العربية والإسلامية، منها اللقاء الذي جمعهما في العام 1438ه على هامش أعمال القمة التي عقدت في منطقة البحر الميت، والذي جرى خلاله تبادل الأحاديث حول العلاقات الأخوية ومجالات التعاون بين البلدين الشقيقين. وقد قام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- بزيارة للجمهورية التونسية في 27 نوفمبر 2018م، وكان في استقبال سموه في المطار الرئاسي في العاصمة تونس فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، وعقد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، اجتماعًا ثنائيًا مع فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، وذلك في قصر قرطاج الرئاسي بالعاصمة تونس بحضور وفدي البلدين. ونقل سمو ولي العهد، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، للرئيس التونسي، فيما حمله فخامته تحياته لخادم الحرمين الشريفين. وعقد سمو ولي العهد والرئيس التونسي اجتماعًا موسعًا بحضور وفدي البلدين، حيث جرى خلاله، استعراض علاقات التعاون السعودي التونسي، في شتى المجالات، والفرص الواعدة لتطويرها، بالإضافة إلى بحث تطورات الأحداث الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها. وقد منح الرئيس التونسي الصنف الأكبر من وسام الجمهورية لسمو ولي العهد تقديرًا لجهود سموه في دعم وتعزيز العلاقات السعودية التونسية. وقام دولة رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بزيارة للمملكة في شهر ديسمبر 2018م، واستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، دولته في قصر العوجا بالدرعية الرياض، وقد رحب -أيده الله- بدولته والوفد المرافق له في المملكة، فيما أعرب دولته عن سعادته بزيارة المملكة ولقائه خادم الحرمين الشريفين. وعلى صعيد العلاقات السياسية والعسكرية بين البلدين فقد التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- معالي المستشار الأول للأمن القومي لدى رئيس الجمهورية التونسية اللواء كمال العكروت، وذلك على هامش الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي عقد في العاصمة الرياض عام 1439ه. وتبعه في العام الحالي 1440ه تنفيذ مناورات جوية مشتركة بين القوات الجوية الملكية السعودية وسلاح طيران الجيش التونسي، بهدف دعم أواصر التعاون والعلاقات بين القوات الجوية في البلدين، وصقل وتأهيل الأطقم الجوية من طيارين وفنيين وتبادل الخبرات في مجال الإمداد والإسناد الفني، وتوج ختام هذا التمرين برعاية صاحب السمو الملكي الفريق الركن تركي بن بندر بن عبدالعزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية. وتتواصل اللقاءات الثنائية بين البلدين الشقيقين للتباحث في الأمور ذات الاهتمام المشترك بينهما، والسعي لتطويرها وتعزيزها. وفي الجانب الاقتصادي، تشهد العلاقات بين المملكة وتونس في عهد خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- نموًا ملحوظًاً، إذ نوه سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس محمد بن محمود العلي بالعلاقات الاقتصادية المتنوعة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية الشقيقة، مبرزًا التطور الملموس الذي تشهده التبادلات التجارية بين البلدين في ظل الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وفخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، مؤكدًا أن استمرار انعقاد أعمال اللجنة السعودية التونسية المشتركة، يعد دليلًا قاطعًا على عزم قيادة البلدين الشقيقين للمضي قدمًا نحو فتح آفاق جديدة من التعاون الاقتصادي، تعتمد على تحقيق التوازن والتنمية بين الجانبين. واستمراراً للعلاقات القائمة بين البلدين عقدت في تونس العاصمة في 4 ذي القعدة 1438ه أعمال المنتدى الاقتصادي السعودي التونسي على هامش أعمال الدورة التاسعة للجنة السعودية التونسية المشتركة، بمشاركة حوالي 60 رجل أعمال من المملكة وتونس وممثلين عن قطاعات اقتصادية مختلفة. ووقع البلدان خلال المنتدى على برنامج عمل مشترك يهدف إلى تقوية وتعزيز علاقة الشراكة بين الطرفين في مجال التجارة والاستثمار، وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وتبادل المعرفة والخبرات والمعلومات، إلى جانب التعاون في مجال التسويق للاستثمار والتعريف بمناخ وفرص الاستثمار في كلا البلدين. وبحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- ودولة رئيس الحكومة بالجمهورية التونسية يوسف الشاهد، جرى في قصر العوجا بالدرعية توقيع اتفاقيتين ومذكرة تفاهم بين حكومة المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية في 13 ديسمبر 2018م. وتؤكد الحقب الزمنية المتتالية حصول قفزات متسارعة في العلاقات بين البلدين، وأن العلاقات أسست من خلال الإيمان الراسخ من قيادتيهما بضرورة تفعيل أواصر الأخوة في الدين والعروبة. وبدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- وفخامة الرئيس التونسي، ستتواصل تلك القفزات لتصل إلى مراحل مهمة تحقق لشعبي البلدين ما يصبون إليه من تطلعات ورقي في مختلف المجالات في ظل الروابط التاريخية والدينية والعروبية واللغوية وغيرها التي تجمعهما.