يواصل النفط تأثيره الكبير جدا في الأحداث السياسية العالمية والمحرك الرئيس لمنحى العلاقات بين دول العالم كما يحدث الآن في أحداث الأزمة الأميركية الفنزويلية بفرض الأولى عقوبات ضد شركة النفط الحكومية الفنزويلية "بدفيسا" وهو أمر بمثابة تذكير آخر للأهمية الكبيرة للنفط في تشكيل وتسيير السياسات، حيث من الملاحظ أنه في العام 2018 تم شحن حوالي 450 ألف برميل يوميا إلى الولاياتالمتحدة على الرغم من أن هذا الأمر لا يمثل سوى جزء صغير من 1.7 مليون برميل يومياً تم تصديرها في العام 1998 عندما كان الرئيس شافيز على حافة السلطة. ويستخدم جزء كبير من النفط الفنزويلي في نظام تكرير النفط الأميركي من "بدفيسا" الفنزويلية التي تعيش ظروف انهيار الصادرات إلى انهيار الإنتاج من 3.4 ملايين برميل في اليوم إلى 1.3 مليون برميل في اليوم خلال نفس الفترة، فضلاً عن اتخاذ فنزويلا قرارًا سياسيًا بشحن النفط إلى الصين، حيث كانت تهدف في البداية إلى تنويع أسواق التصدير مع ارتفاع شحنات نفط دول أخرى إلى الولاياتالمتحدة، ولكن في الآونة الأخيرة كانت لسداد عشرات مليارات الدولارات من القروض، كما انخفضت شحنات النفط الفنزويلي إلى الهند بنسبة 11 % في 2018 مقابل نمو شحنات 2017 التي بلغت 360 ألف برميل في اليوم. وأسهمت العقوبات بمرحلة جعلت من الصعب بالفعل على الشركة الفنزويلية تصدير النفط، ومع ذلك لم تتأثر أسعار النفط الخام القياسية بسبب العقوبات، ويرجع ذلك إلى أن الأسواق من حيث كمية النفط الخام قد تكون قادرة على التكيف بعد الاضطرابات اللوجستية الأولية حيث إن المخزونات في معظم الأسواق تمثل حاليا وفرة، ومع تنفيذ اتفاق فيينا الجديد في بداية العام كان هناك المزيد من الطاقة الاحتياطية المتاحة. فيما تعتبر جودة النفط الخام قضية أخرى وفي السياق الأوسع للإمدادات في أوائل 2019 وهو الأمر الأكثر أهمية، حيث إن العقوبات ضد إيران والانخفاض في إمدادات "أوبك" من 930 ألف برميل في اليوم في يناير إلى 1.2 مليون برميل في اليوم، والعقوبات ضد فنزويلا أسهمت في تخفيضات العرض من "ألبرتا" وكل التأثير المباشرة على المعروض من النفط الثقيل والحامض، في حين أن نفط شركة "بدفيسا" يتطلب إضافة كميات كبيرة من المواد المخففة المستوردة أو المزج المحلي، ومع استيراد المواد المخففة التي تجيزها الولاياتالمتحدة الآن، والمشكلات في إنتاج خاماتها الأخف، ستواجه "بدفيسا" مهمة صعبة لتوفير ما يكفي من البراميل المتاحة للتصدير، هذا قبل أن يصل إلى مسألة من سيشتريها.