أسدل الستار على فعاليات مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الثالثة مساء أمس، التي أقيمت في الصياهد الجنوبية للدهناء شمال شرقي مدينة الرياض ب 120 كيلو متراً على طريق الرمحية الحفنة. ونجح المهرجان في إبراز جهود المملكة لترسيخ الثقافة والتراث الوطني وتعزيز الجوانب الحضارية والوطنية، إضافة إلى إيصال رسالة المهرجان المتمثلة بتنظيم مهرجان ثقافي واقتصادي يعزز المشاركة ويؤصل الموروث وينشر العمق الحضاري للمملكة. وأظهر المهرجان أوجه التراث الشعبي المختلفة المتمثلة في الصناعات اليدوية والحرف التقليدية وربطها بواقعنا المعاصر، وللمحافظة عليها كهدف من أهداف المهرجان الأساسية وإبرازها لما تمثله من إبداع إنساني تراثي عريق لأبناء هذا الوطن على مدار أجيال سابقة، إضافة إلى أنها عنصر جذب جماهيري للزائرين والمهتمين. وأعاد مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل الحيوية ل "صحراء الدهناء " أو "الصياهد الجنوبية" التي كانت إحدى مناطق تجمع الطرق التجارية من شرق الجزيرة العربية إلى غربها والعكس، مجددًا لواجهة الحياة السياحية عبر أضخم تجمع ثقافي رياضي بري، إذ أن استواء أرضها وصلاحيتها لمهرجان الإبل جعلها ضمن المواقع المنتعشة سياحيًا، فتوزعت المخيمات والمحلات في عدة أماكن، لتدب الحياة من جديد وتتجدد المنطقة بلباس تلتقي فيه روح التراث ومفردات الحضارة لتكون وجهة سياحية واقتصادية وترفيهية منتعشة، بعد أن دشنت قرية متكاملة دائمة مرتبطة بالمهرجان الموسمي الذي يحظى بحضور الآلاف من المواطنين والمقيمين إلى جانب الأشقاء الخليجيين والعرب ووفود سياحة عالمية. أما الموقع بعمقه التاريخي ودلالته الوطنية، فكان نقطة تجمع لجيوش الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - في مسيرة توحيد البلاد، فيما بسطت أرض "الصياهد الجنوبية" ثراها لقوافل الحجاج والتجارة كمحطة دربهم من شرق إلى غرب المملكة والعكس. ويطلق على الشريط الرملي الممتد من النفود إلى شرق نجد على هيئة قوس والمتجه إلى رمال الربع الخالي اسم الدهناء أو النفود الصغرى، وهي ثالث أكبر تكوين رملي بحسب تقرير صادر عن وزارة البيئة والمياه والزراعة، حيث تشكل الصحارى ثلث مساحة المملكة العربية السعودية. ويغلب على صحراء الدهناء اللون الأحمر، نظراً لاحتوائها على أكسيد الحديد، وتندمج بالرمال الحمراء أودية كبيرة، تتشكل منها بعد هطول الأمطار تجمعات مائية تتحول مع مرور الأيام إلى رياضٍ غنّاء كروضة التنهات وروضة خريم. ويعكس مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل ما تتمتع به المملكة من إرث ثقافيّ أصيل، وتراث وطنيّ متنوع، يمثل إحياءً للتراث ومحافظة عليه، ولما للإبل ومكانتها الثقافية عند العرب ولاسيما في المملكة العربية السعودية من أهمية، فهي تمثل الماضي والحاضر، إذ كانت الإبل عوناً لهم في حلهم وترحالهم، وحربهم وسلمهم، يقطعون على ظهورها الفيافي والقفار، ويقتاتون لحومها ويشربون ألبانها، ويتخذون من أوبارها بيوتاً وغطاءً، ومن جلودها لباسهم وأحذيتهم وأدواتهم، ولطالما ارتبطت حياة كل منهما بالآخر. ويهدف المهرجان إلى تأصيل تراث الإبل وتعزيزه في الثقافة السعودية والعربية والإسلامية، وتوفير منظومة اقتصادية متكاملة من حيث المزاد والمستلزمات والصناعات المتعلقة بالإبل وتنمية عوائده للمجتمع والمهتمين بهذا التراث العربي الأصيل. وتضمنت النسخة الثالثة للمهرجان عددًا من المسابقات والفعاليات الجديدة ومن أبرزها ركوب الثيران، ومشاركة المرأة السعودية، وتنظيم المهرجان على سواعد سعودية بنسبة 100 % وتضمن المهرجان فعاليات عديدة منها العرضة السعودية "تراث وأداء"، وأنواع الإبل ونوادرها، وفنون الرمال، إضافة إلى فعالية الرسم الزخرفي للإبل، ومسابقة طبع الإبل. وصممت إدارة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، موقع مهرجان مزاين الإبل تحت مسمى "القرية السعودية للإبل" شمال شرقي العاصمة الرياض، بأفضل المواصفات المعتمدة لإقامة المهرجانات، وذلك لما للإبل من مكانة شعبية مميزة، حيث يتسع جمهور محبيها والمهتمين بها في المملكة وفي دول الخليج العربي، كذلك في معظم البلدان العربية والإسلامية، حيث أولتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - العناية والاهتمام ومنها إنشاء نادي الإبل ليؤطر مختلف المناشط وبملاكها وتنظيم مسابقاتها تحت مظلة واحدة. وأقيم المهرجان على مساحة 4 آلاف متر، وصممت القرية لإقامة الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالإبل وثقافتها، برؤية تهدف إلى أن يكون الموقع الأول والأهم في العالم للإبل، حيث يتضمن القسم الأول من القرية منطقة ميدان المزاين ويتضمن القسم مدرجات الزوار، ومنطقة المزاد، ومنطقة، ومكاتب التسجيل ومواقع للجلابين والدلالين، ومسار الإبل لعبور الإبل من منطقة الفحص والفرز إلى ميدان المزاين. من جانب آخر ودع الأشقاء الخليجيون فعاليات النسخة الثالثة لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، بعد مشاركة دامت لأكثر من شهر، مقدمين شكرهم لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده - حفظهما الله -، على دعمهما للرياضة بشكل عام، ودعمهما لإحياء التراث الخليجي بشكل خاص. وأبدى المحلل الإماراتي سالم بن متعرض إعجابه بالتنظيم المبهر للمهرجان، والمشرف لإحياء تراث الأجداد، مؤكداً أن التنظيم والاستقبال والحفاوة تليق بمكانة المملكة عالمياً وليس فقط خليجياً أو عربياً، وهذا يبدو جلياً في اهتمام خادم الحرمين بالإبل والتراث، مشيراً إلى أن دعم مزاين الإبل ب 88 مليون ريال من حكومة المملكة أكبر دليل على مكانة التراث لدى المملكة. وقال ابن متعرض: إن النسخة الثالثة حملت الكثير من المفاجآت السارة لملاك الإبل باعتماد مزاين الأصايل والحراير، الأمر الذي أدى لتوسع في المشاركات وزيادة عدد المشاركين. وأكد أن المنافسات التي شهدها المهرجان كانت قوية خاصة بسباقات الهجن، مشيداً بالروح الرياضية بين الإخوان في تهنئة الفائز في مشهد يثلج الصدر. وأشار ابن متعرض إلى أن ما حققته دولة الإمارات على مستوى الشيوخ والأمراء وعلى مستوى القبائل مشرف لهم كإماراتيين، مبيناً أن الإمارات استطاعت الفوز بأكثر رموز الهجن، وحصول النايفات على المراكز الثلاثة الأولى. من جهته عبر الإعلامي الكويتي جاسر بن ناصر الهاجري، عن سعادته للمشاركة بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الحالية، مؤكداً أن النسخة الحالية تميزت بطابع معنوي لدى ملاك الإبل، بالإضافة إلى العائد المادي الذي حققه ملاك الإبل، مؤكداً أن شرف المشاركة بالمهرجان أدت إلى رفع أسعار الإبل بنسبة 100 %. وأشاد الهاجري بما شاهده بالقرية التراثية، وإضافة سباقات لمزاين الهجن والحرائر والمهجنات. مزاين الإبل شهدت تنافساً كبيراً بين ملاك الإبل بالخليج