مع تقنيات "الأتمتة" المتنامية وتعزيز المسيرة المتواصلة نحو "الرقمنة" والتي تشمل الأصول الرئيسة للثورة الصناعية الرابعة، في زمننا المتسارع لم تعد الخدمات الإلكترونية الموحدة قادرة على إنجاز العديد من المهام المعقدة والوفاء بفضاءات ابتكار الأجيال الحالية علمياً وتكنولوجياً؛ وأولها الذكاء الاصطناعي الذي نقل العالم المتقدم في سنواته الأخيرة إلى ثورة مخيفة! ففي وقتنا الراهن لا يخلو مجال حياتي من توظيف تطبيقات "الذكاء الاصطناعي".. ما يضع على عاتق الدول مسؤوليات جسيمة لتطوير سياساتها ومناهجها واستراتيجياتها لمواكبة الثورة الاصطناعية الحديثة، والتي كانت بمثابة الشرارة التي أضاءت أمام العالم مساحات جديدة لإثراء ثقافة الذكاء الاصطناعي، ففي تقرير حديث عن "أي دي سي" والذي نشرته (Aitnews)، يوضح أن الإنفاق على أنظمة الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وإفريقيا سيصل إلى 114,22 مليون دولار في العام 2021م، مما يثبت أن التحول الرقمي دافع أساسي في كل الأجندات والبرامج الوطنية نحو التسلح بأدوات التمكين في خضم المنافسة العالمي. يكشف عملاق مؤسسات التعليم الدولي بيرسون Pearson المتخصصة في تقديم خدمات التعليم في العالم في تقريرها الدولي الأخير كيف أن الذكاء الاصطناعي سيحول مسار التعليم بشكل إيجابي في السنوات المقبلة، مع تضمينه نظرياً وتطبيقياً في مراحل "التعليم" المختلفة، فهو الثورة التي ستغير خارطة التعليم والبحث والحياة في المستقبل. ومن أجل المنعطف نفسه، تظهر أهمية وضع "سياسات تعليمية" جديدة تجعل من الذكاء الاصطناعي اليوم أسلوباً ضرورياً لضمان جودة الحياة المدرسية ومخرجات التعلم، وأن يكون ضمن رؤية مدارسنا ورسالتها ومناهجها وطرقها التدريسية وعناصر العملية التعليمية كافة، داخل وخارج أسوار المدرسة. فبحسب أحدث التوقعات في قطاع التعليم لأرباب التربية في جامعة باكنغهام البريطانية الذين يؤكدون أن الروبوتات المستندة على برامج الذكاء الاصطناعي ستحل محل المعلمين داخل الفصول الدراسية في غضون عشر سنوات مقبلة، كجزء من "ثورة" في أسلوب التعليم "واحد إلى واحد"، أو ما يسمى ب"التعلم الذاتي" الذي ينحصر بين الطالب ومعُلمه أو "روبوته"! الذكاء الاصطناعي اليوم يدفع "تعليمنا" بقوة فيما يخدم مستقبل البشرية ويواكب جهودها العلمية والتكنولوجية الدقيقة ويقلل من المخاطر والأزمات والتحديات.. وباختصار خلق آفاق تكنوقراطية عبقرية لا حدود لها نسيطر عليها ونوجهها بأفكارنا وعقولنا نحو مستقبلنا والأجيال، كأسلوب حياة متكامل في قرن مخيف بالفعل!