خص الثقافة بوزارة مستقلة للمرة الأولى في بلادنا أمر محمود محمول بترحاب في الأوساط الفكرية. وهذه الحال من بركات التحول الوطني نحو مدارات واسعة من التطوير الشامل والتواصل الفعال بين أطياف مجتمع المعرفة والثقافة. إن تخصيص وزارة للثقافة قد نقل مهام ومسؤوليات واختصاصات من الشتات بين عدد من مؤسسات حكومية متعددة، وهنا فالتباشير والبشارات بانطلاقات أوسع وأجمل سوف تفضي إلى حراك يظهر الصورة المثال لمجتمع الفكر والثقافة برعاية موحدة. وبمطالعة لموقع وزارة الثقافة فقد وجدت أنها قد سجلت الرؤية والرسالة والأهداف، وهذا عمل مهني احترافي في علم الإدارة حيث نصت الرؤية على "تطوير بيئة ثقافية متنوعة تتميز بدعم وتحفيز المواهب ونمو الاقتصاد الاجتماعي للمساهمة في مسيرتنا المستقبلية". وكذا الحال مع الرسالة التي نصت على: المحافظة على الإرث الثقافي السعودي وتطويره كي تصبح المملكة رائدة عالمياً في مجالات الثقافة وبناء مجتمع إبداعي يساهم في الارتقاء بنمط حياة الفرد وتشجيع الإبداع لتحقيق رؤية المملكة نحو النمو والتنوع الاقتصادي. وتلخصت عدة محاور لأهداف الهيئة في: تحفيز وتطوير القطاع الثقافي في المملكة، تشجيع الإبداع والابتكار في القطاع الثقافي، تطوير موارد وقدرات القطاع الثقافي وعناصره الرئيسية، رعاية المواهب الثقافية، تعزيز ودعم التنوع الثقافي والتلاحم الاجتماعي. تطوير بيئة ثقافية متنوعة تتميز بدعم وتحفيز من أجل الارتقاء بأداء وأدوار قطاعات الثقافة المتعددة في المملكة وتعزيز مشاركتها محلياً ودولياً، فقد تركزت أهم مهام الهيئة في عدة نقاط من أهمها: تعزيز المكانة الثقافية للمملكة، ومد جسور التواصل المعرفي والإنساني بصفتها مصدر إشعاع فكري وعطاء معرفي، على المستويين الإقليمي والدولي، إبراز الهوية السعودية من خلال الثقافة والفكر والفنون، وإشاعة القيم التي تعمق الانتماء الوطني. إبراز مكانة المملكة وما تشهده من رقيٍّ حضاريٍّ في مختلف الجوانب، الإسهام في تنمية حركة الفكر والثقافة والفنون والإبداع، وتهيئة البيئة المحفزة على ذلك، الاشتراك في الاتحادات والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية وما في حكمها ذات العلاقة. واشتملت الهيئة على قطاعات: الأدب، الفيلم والمحتوى، المسرح والفنون الأدائية، الموسيقى، الفنون البصرية. ويهمني هنا الإشارة إلى ما جاء على قطاع الأدب حين أشارت إلى: (يعد الأدب البوابة الأولى للثقافة السعودية، كما يعد -من حيث الإنتاج والتأليف– النشاط الأوسع حضوراً على المستويين المحلي والإقليمي، والأدب بشعره ونثره المادة الأولية لإنتاج الفنون الأخرى، فهو يمد الأغنية بالقصيدة، والمسرح بالنص المسرحي، والسينما بالرواية). لكن لم أجد في موقع وزارة الثقافة أي ذكر لا إلى رؤية أو رسالة أو أهداف أو مهام ولا قطاعات، وبالتالي إلى ما يشير إلى الثقافة بأي شيء لا صلة ولا مرجعية. وحيث إن قرار مجلس الوزراء رقم 356 وتاريخ 1438/7/6ه القاضي بالموافقة على تنظيم الهيئة العامة للثقافة، وأوكل إليها مهمة الإشراف على قطاع الثقافة في المملكة وذلك بالتنسيق مع وزارة الإعلام، ومنحها الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري. فلا أعلم هل ما زالت الثقافة مرجعيتها مرتبطة بوزارة الإعلام، أم أن مرجعيتها لوزارة الثقافة. لعل سمو وزير الثقافة يجلي هذا الأمر، فالثقافة والمثقفون والكتاب والمؤلفون نساء ورجالاً ينتظرون الكثير وفق الرؤية للهيئة، ويستمر التساؤل عن المرجعية..