بعد قمة «فاس» الأولى في عام 1981، التي إذا أردنا قول الحقيقة فإنها وكما هي «فاس» الثانية في عام 1982، كانت قمة الملك فهد رحمه الله وكان يومها لا يزال ولياً للعهد، عاد (أبوعمار) إلى بيروت فوجدها ملتهبة بالصخب والتظاهرات، فبالإضافة إلى ما يسمى باليسار الفلسطيني الذي كان يسير في ركب «جماهيرية» القذافي كان هناك اليسار اللبناني.. الشيوعيون ومخلفات حركة القوميين وباقي ما تبقى من البعثيين والقوميين السوريين وبعض اللاجئين إلى لبنان هروباً من أنظمتهم أو بحثاً عن لقمة العيش «الرخيصة» بحجة أنهم لاجئون سياسيون، وهذا جعل ياسر عرفات يتخذ موقفاً دفاعياًّ لأن وراء هؤلاء كلهم بالإضافة إلى ليبيا القذافية نظام حافظ الأسد ونظام صدام حسين أيضاً.. ومعهم الذين كانوا يعتبرون أن هذه القمة قمة سعودية!. والمعروف أن «فاس» الثانية قد انعقدت بعد نحو عام من «فاس» الأولى وبعد إخراج المقاومة الفلسطينية من بيروت تحت ضغط الاحتلال الإسرائيلي ومن كان معه لبنانياً ودولياً وأنَّ عرفات عندما وصل إلى مطار هذه المدينة التاريخية كان في استقباله القادة العرب جميعهم وفي مقدمتهم الملك فهد والملك حسين وصدام حسين وبالطبع الحسن الثاني -رحمهم الله جميعاً- وكان المتخلف الوحيد هو حافظ الأسد الذي لم يكن راضياً عن عدم توجه (أبوعمار) إلى دمشق ليكون ورقة مساومات في يده في مفاوضات كان هناك اعتقاد أنها أصبحت على الأبواب. كانت قمة «فاس» الثانية ورغم انعقادها في المملكة المغربية تعدّ قمة الملك فهد، وكان حافظ الأسد بعد مواجهة حامية مع صدام حسين قد غادرها قبل انتهائها مصطحباً معه نمر صالح (أبوصالح) عضو مركزية «فتح» الذي كان قاد انشقاقاً لاحقاً عن حركة «فتح» شارك فيه كلٌّ من (أبوموسى) وأبو خالد العملة وكان المقصود هو المشاغبة على (أبوعمار) وعلى منظمة التحرير والقول إنهما لا يمثلان الشعب الفلسطيني. والآن وبعد كل هذه السنوات الطويلة فإنه وكشهادة حق لا بد من التأكيد على أن الموقف السعودي كان أساسياًّ ورئيساً في إسناد الشرعية الفلسطينية وبكل وسائل الإسناد والدعم، وهذا كان عندما كانت تمرّ بفترة من أخطر الفترات التي مرت بها وهذا هو ما حصل مؤخراً وحيث قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أطال الله عمره: «نحن بوضوح مع الفلسطينيين بما يقبلونه وبما يرفضونه.. وهذا الملف (الملف الفلسطيني) هو من اختصاصي الشخصي وأنا صاحب القرار بهذا الشأن وسنبقى ملتزمين سياسياً واقتصادياً مع الفلسطينيين من أجل تحقيق أهدافهم».