تلقيت بتأثر بالغ وحزن عميق، خبر وفاة الزميل والصديق العزيز الشيخ محمد بن عبدالعزيز المنيفي «أبو فهد»، الذي وافته المنية صباح يوم الاثنين الموافق 24 /4/ 1440ه، فليس هناك أشد قسوة وألما على الشخص من أن يسمع نبأ وفاة صديق غالٍ وزميل عزيز ذي سيرة عطرة، كان من أقرب الناس إليه؛ خاصة عندما تتجسد في هذا الصديق صفات الوفاء والصدق ونقاء السريرة وكل الخصال الحميدة، فالمرحوم الشيخ محمد المنيفي تربطني به أوشاج المحبة والتقدير والعرفان بالجميل، وله مكانة عالية وتقدير خاص في نفسي، فقد زاملته خلال فترة عملنا في ديوان المظالم، وكان نعم الزميل، ونعم الناصح والقدوة الحسنة، ومثالا في الجد والإخلاص والتفاني في أداء العمل وتحمل المسؤولية، وسبق لي أن تشرفت بمرافقته - رحمه الله - في سفرات عديدة، فكان نعم الصاحب والرفيق في السفر، حليما كريما هاشا باشا ذا رأي سديد، يتحلى بالتواضع والصبر والجود والكرم وطيب المعشر، لا تمل مجالسته أبدا. ويعد الشيخ محمد - رحمه الله - من الشخصيات البارزة، التي تتمتع بمكانة اجتماعية عالية. قضى عمرا مديدا تجاوز المائة عام، اتسم بالنشاط والحيوية والعمل الدؤوب، ويعد من الشخصيات المخضرمة التي عاشت زمنين مختلفين، ما قبل نهضة المملكة المتسمة ببساطة الحياة وشظف العيش، وعصرها الذهبي الآن المتسم بالنهضة العظيمة والتقدم والعمران بقيادتها الرشيدة. وقد خاض خلال حياته تجارب عديدة وإنجازات كبيرة، قدم خلالها عصارة جهده وفكره؛ إذ مارس في أول حياته العملية التجارة والعمل الحر بجهود مباركة وعمل دؤوب، فكان يقوم بتوريد المواد الغذائية والحاجات الضرورية من منطقة الخليج خاصة الكويت إلى بلدته شقراء في ذلك الوقت سدا لحاجات مجتمعه حسبما فهمته منه رحمه الله، ثم بعد فترة قضاها في أعمال التجارة، قرر الاتجاه إلى الوظيفة الحكومية وترك الأعمال الحرة، والتحق بالخدمة العامة للعمل في ديوان المظالم مواصلا جهوده في خدمة أمته ووطنه، فكان نعم الموظف المخلص الأمين، وقد تولى إدارة مكتب رئيس ديوان المظالم، ثم إدارة التفتيش الإداري في الديوان، وغير ذلك من المسؤوليات والمهمات الأخرى المسندة إليه. هذا وقد لازم رحمه الله الفراش قبل موته ما يزيد على أربع سنوات بسبب المرض وفقدان الذاكرة، ما جعله يغيب عن مجتمعه ومحبيه، ومما كان سببا في تخفيف وطأة الحزن على فقده، رغم مما لموته - رحمه الله - من تأثير بالغ وفاجعة كبيرة على الجميع، ونسأل الله - جل وعلا - أن يجعل ما أصابه من مرض في آخر حياته أجراً ورفعة في درجاته يوم يلقى ربه. المجد والشرف الرفيع صحيفة .... جعلت لها الأخلاق كالعنوان في ذمة الله الكريم وبره ماضم من عرف ومن احسان اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله يا أرحم الراحمين. كما أساله سبحانه وتعالى أن يلهم أسرته العزيزة وأبناءه البررة الكرام الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.