جنوب إفريقيا مسؤولة عن تقديم أعظم رجلين في تاريخ النضال الإنساني.. الأول المناضل الإفريقي نيلسون مانديلا "الذي سبق وكتبت عنه مقالاً خاصاً" والثاني المناضل الهندي المهاتما غاندي ضد الاستعمار البريطاني في الهند.. كان غاندي يعمل في جنوب إفريقيا كمحامٍ ومدافع عن حقوق الجالية الهندية طوال 22 عاماً.. وفي العام 1915 قرر العودة إلى الهند محملاً بتجربة كفاح طويلة ضد السلطات المحتلة ومتبنياً سياسة اللاعنف والعصيان المدني.. لم يكن أول من نادى بهذه السياسة ولكنه أول من طبقها ضد المستعمر البريطاني. كان بطبيعته مسالماً "لا يأكل اللحوم ولا يقتل الحشرات" ويدرك أن العنف يمنح الطغاة شرعية الانتقام ويستدعي رد فعل أكثر عنفاً.. حثّ أتباعه على عدم حمل السلاح، أو الرد على العنف، أو التعاون مع المحتلين؛ الأمر الذي أحرج بريطانيا ليس فقط أمام المجتمع الدولي، بل أمام شعبها الذي بدأ يكن احتراماً كبيراً لغاندي.. وبعد سجنه عدة مرات ومحاولة استمالته عدة مرات، اقتنعت بريطانيا بصعوبة البقاء في الهند فقررت منحها الاستقلال ومنح المسلمين دولة خاصة بهم "وهو ما يعني فعلياً تقسيم البلاد".. وفور إعلانها ذلك أعلن هو عدم رغبته في زعامة الدولة وتخليه طواعية عن رئاسة حزب "المؤتمر الهندي".. ولكنه حاول الوقوف ضد فكرة التقسيم فعرض على محمد جناح "زعيم مسلمي الهند" تولي زعامة الهند مقابل تخليه عن فكرة انفصال المسلمين.. ورغم موافقة جناح على عرض غاندي، لم يوافق جواهر لال نهرو "زعيم الأغلبية الهندوسية" فانقسمت الهند فور استقلالها 16 أغسطس 1947 إلى دولتين؛ الهند وباكستان.. وفور إعلان الدولتين قامت حوادث شغب واعتداء جعلت غاندي يضرب عن الطعام حتى تتوقف أعمال العنف بين المسلمين والهندوس - وتوقفت فعلاً خوفاً على حياته.. غير أن دفاعه الدائم عن المسلمين والمنبوذين جعل المتطرفين الهندوس ينظرون إليه كشخص خائن.. وفي 30 يناير 1948 أطلق عليه أحد المتعصبين الهندوس ثلاث رصاصات سقط على إثرها ميتاً عن عمر يناهز 78 عاماً.. واليوم، تحمل العملة الهندية صورته، ويحمل العلم الهندي رمزاً لمغزله، ويعتبر يوم ميلاده عيداً وطنياً ويوماً عالمياً "للاعنف".. إن لم تتمكن من قراءة سيرته شاهد فيلمه على اليوتيوب Gandhi..