يبدو أن العديد من أهداف وملامح وطموحات "رؤية المملكة 2030" قد بدأت تتجسد على واقع المشهد الوطني، وأصبحت مرتكزات الاستراتيجية السعودية الحديثة تتسارع بشكل مضطرد من أجل تحويل الاعتماد الاقتصادي للدولة من النفط إلى الاستثمار، وذلك عبر رسم وتنفيذ الكثير من الخطط الشاملة التي تتمحور حول الكثير من الاتجاهات والخيارات والمجالات، كإنشاء أضخم صندوق استثمارات بالعالم وطرح الخصخصة وتوليد منتجات وصناعات جديدة، وصناعة حقيقية للسياحة والترفيه، الأمر الذي سيُسهم في تنمية الوطن على كافة الصعد والمستويات وتوفير المزيد من الفرص والوظائف. ولعلّ قطاع الترفيه هو "النفط السعودي الجديد" الذي بدأت تُكتشف ثرواته وكنوزه وإمكاناته، وكانت البداية الحقيقية، حينما أكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وعرّاب التحول الوطني، أن الدولة عازمة على إنشاء قطاعات محلية للترفيه السياحي للحصول على 22 مليار دولار يُنفقها السعوديون سنوياً على الترفيه والسياحة في الخارج. ولم يعد الترفيه، مجرد ممارسة عفوية بهدف التسلية والترويح عن النفس وشغل أوقات الفراغ، ولكنه تحوّل إلى منظومة صناعية لها أدواتها وآلياتها ومقوماتها، وأصبح ذراعاً اقتصادياً مهماً يدرّ المليارات ويُوفر آلاف الفرص، بل هو الآن أحد أهم مصادر الفخر والإلهام للأمم والشعوب المتقدمة. الترفيه في المملكة الآن، لم يعد خاضعاً للاجتهادات الفردية أو للمحاولات العفوية، ولكن الهيئة العامة للترفيه، التي أنشئت في 7 مايو عام 2016 ويرأسها الآن المستشار تركي آل الشيخ، أصبحت جهازاً وطنياً رائعاً يُدار بعقلية احترافية حقيقية، أعادت تعريف مفهوم الترفيه بالشكل الذي يتناسب مع قيمة وطبيعة هذا الوطن الزاخر بكل ملامح ومصادر الترفيه التي لا نظير لها في كل العالم. ويشهد قطاع الترفيه الوطني الذي ما زال في بداياته الأولى، تصعيداً غير مسبوق، ويُقدم نفسه كمنافس قوي لكل صنّاع الترفيه في العالم. يبدو أن قطاع الترفيه السعودي، قد حسم خياراته وقناعاته، فهو لن يقع في فخاخ العشوائية والتجريب، ولكنه قرر أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون الكبار في مجال الترفيه، رافضاً تلك الصورة النمطية لواقع الترفيه السابق. قطاع الترفيه الجديد، وكما أكد رئيسه الجديد، لن يكون فقط حفلات غنائية وعروضاً مسرحية ومدناً ترفيهية، وهي بلا شك مهمة وضرورية، ولكنه كقطاع تنموي كبير وكصناعة حيوية مهمة، أكبر بكثير من كل ذلك، فهو يتضمن العديد من التجارب والخبرات والمنافسات العالمية التي تُشكّل "بازار الترفيه الكبير" الذي تتحاصصه الدول الكبرى. الترفيه، سلة غنية ومتنوعة وجذّابة، ويجب أن تُصمم بكل احترافية ومهنية ومسؤولية، لتُناسب كل الأذواق والأعمار والمستويات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هذه بعض أشكال الترفيه التي تستحق أن تتضمنها روزنامة الترفيه الوطني: العروض الفنية والغنائية والمسرحية، مسابقات الخدع والإلقاء والكوميديا الارتجالية، المتاحف ودور الأزياء والدمى، مدن الملاهي والسيرك والألعاب الإلكترونية، دور السينما والدراما والبرامج التلفزيونية، وغيرها الكثير الكثير.