يعد الماء من أهم عناصر الحياة، ويحتاج جسم الإنسان للمعادن والصوديوم في مياه الشرب، وتُقاس كمِّيةُ الصوديوم اللازمة للشخص بالمليجرامات أو الجرامات، وتعتمد الكمِّيةُ اللازمة التي من المفترض وجودها في جسم الإنسان الطبيعي على عمر الشخص وصحَّته، حيث أصبحت نسبة تركيز الصوديوم هاجسا للغالبية العظمى من الناس، ما يدفعهم إلى الشك والسؤال والبحث الدائم عن إجابات تطمئن فضولهم، حرصاً منهم وخوفاً على صحتهم، ولا سيما أن تجارة شركات المياه المعبأة والتنافس فيما بينها حول التركيز على انخفاض أو ارتفاع نسبة الصوديوم، أصبحت من أبرز وسائل الدعاية التي تطبقها، على أساس أن ارتفاع نسبة الصوديوم يؤثر في صحة المستهلك. أضرار واختلال وقال د. هاني الغامدي -الاستشاري في طب الأسرة-: إن الصوديوم مهم جداً في جسم الإنسان، فهو يعمل على توازن السوائل، وكذلك الماء بلا شك يؤثر في عمل العضلات والأعصاب، والتوازن في كمية استهلاك الصوديوم اليومية للإنسان أمر مهم جداً، فنقصه أو زيادته في الجسم يؤدي إلى أضرار واختلال في الوظائف، وله أعراض خطيرة، لذلك حينما نتحدث عن كمية الصوديوم اليومية التي يحتاج إليها جسم الإنسان، الذي لا يعاني أمراض الكلى أو ارتفاع ضغط الدم، تكون نحو (1500) ملليجرام، مضيفاً أننا نحصل على الصوديوم غالباً من الماء والأكل، وله مصادر طبيعية عديدة نستطيع الحصول عليه منها، مبيناً أن مياه الشرب المعبأة تكون فيها كمية الصوديوم قليلة، وهذا حسب المعايير العالمية؛ لأن زيادة الصوديوم فيها تجعل طعمها غير مقبول، لكن تمدنا بكمية لا بأس بها من الصوديوم يومياً، التي نكملها من مصادر الغذاء الأخرى، مشيراً إلى أن البعض يتحدث عن شرب مياه الحنفية بدلاً عن المياه المعلبة، بحجة أنها تمدنا بالصوديوم أفضل من المياه المعلبة، ذاكراً أن هناك مصادر عديدة للصوديوم غير المياه، وإن كانت تختلف في التركيب، وتتم الاستفادة منها بالجسم وهي كافية. آمنة ومعقمة وأوضح د. هاني الغامدي، أن المياه المعبأة للشرب آمنة ونظيفة أكثر من مياه الحنفية التي تصل إلى المنزل، بشرط أن تكون معلبة في مصنع حاصل على المعايير الدولية لتعليب المياه، وفي حاوية مناسبة كالزجاج أو البلاستيك الآمن؛ لأن هناك أنواعا من البلاستيك لتعبئة المياه تحتوي مواد كيميائية ضارة، وبعضها تكون مناسبة لنمو البكتيريا داخلها، ولا نغفل عن جانب الأمان أيضاً في نقلها من المصنع إلى المستهلك بطريقة مناسبة، مضيفاً أن كمية الصوديوم في مياه الحنفية معروفة ومحددة، فقد تكون بنسبة عالية، ثم نأخذ من الأكل كمية من الصوديوم أيضاً، وهنا قد نتعدى الحد المسموح به يومياً لاستهلاك الصوديوم، ويصبح الإجهادُ والضغط على الكلى تدريجياً حتى يبدأ حبس السوائل داخل الجسم، ثم ارتفاع الضغط، ولا نغفل عن التلوث الذي تحتويه هذه المياه؛ حيث إنها غير صالحة للشرب، لذلك شرب المياه المعلبة آمنة ومعقمة بإذن الله ليس له تأثير في الكلى. سوق دعائية وكشف مصدر طبي "مطلع" -فضل عدم ذكر اسمه-، أن المياه المعبأة بالذات اصطدمت بسوق دعائية تجارية للتسويق على حساب الصحة، فعمدت بعض شركات المياه المعبأة إلى تحسين الطعم بدرجة مبالغ فيها من حيث التلاعب بنسب الأملاح -هذا قليل صوديوم وهذا عالي الصوديوم- من باب التأثير النفسي في المستهلك الذي يجهل خفايا ذلك، وكنوع من المتاجرة عمدت بعض الشركات إلى الفلترة والتنقية والمعالجة إلى درجة تقليل أملاح ومعادن مهمة جداً وضرورية لحركة الأعصاب والعضلات، ومع الأسف التسويق لمياه قليلة الأملاح ومنزوعة المعادن بأنها صحية هذه جريمة صحية أخلاقية تضر صحة الإنسان، الذي يعتمد على تلك المياه، ظناً منها أنها صحية كما يزعمون، مضيفاً أن المعالجة بالأوزون للتعقيم قد تسبب تحول بروميد البوتاسيوم الطبيعي إلى برومات بوتاسيوم مسرطن أثناء التعريض للأوزون، وهذا ما تجاهد فيه هيئة الغذاء والدواء لمنعه، ومراقبة العينات والمصانع لمنع تجاوزه النسبة المحددة دولياً وهي (10ppp)، مشيراً إلى أنه تسعى هيئة الغذاء والدواء إلى ضبط ذلك وتقنين تجارة الماء المعبأة والمعلبة لضمان الحد الأدنى والمعتمد من المواصفات والمقاييس، وكذلك منع التجاوزات، لذا أصبحنا نرى بيانات وقرارات متكررة من هيئة الغذاء والدواء لإيقاف مصنع مياه محدد، ومنع توزيع منتجاته أو سحبها من السوق؛ بسبب تجاوز نسبة برومات البوتاسيوم المسرطنة عن الحد المسموح به، ذاكراً أنه تسعى الهيئة بالتعاون مع "المواصفات والمقاييس" إلى تحديث اللوائح لضبط التوازن بين ضمان ازدهار التجارة وتوفير الماء المعلب وبين ضبط الحد الأدنى من المواصفات الصحية على المياه المعبأة. دعايات وهمية وأجاب فيصل العبدالكريم -باحث ومهتم في شؤون المستهلك- عن ترويج الشركات المياه المعبأة قائلاً: الترويج الإعلاني لا مشكلة فيه، المشكلة بادعاء أن هذه المياه تشفي من مرض أو تقي من حالة مرضية، والأخطر أن تحوي ادعاءات طبية كلها غير صحيحة بالطبع، حيث لا يعرف محتوى المياه من أين ولا طريقة تعبئته وتخزينه، مضيفاً أن كثيرا من مصانع المياه اليوم تستغل مشاهير وقنوات إعلامية وصحفا لهذا الأمر، وذلك بسبب الأرباح الهائلة في هذا القطاع وكثرة التنافس، لذلك لجأت لترويج دعايات شفائية وهمية، مبيناً أنه كمهتم بحماية المستهلك يجب أن تتدخل وزارة الإعلام بالتعاون مع هيئة الغذاء والدواء لوقف هذا التلاعب ومن يثبت ترويجه لادعاءات باطلة على أن يغرّم بمبالغ كبيرة. برنامج رقابي وأكدت هيئة الغذاء والدواء أنها تتابع وتراقب التزام جميع مصانع مياه الشرب المعبأة في جميع مناطق المملكة بتطبيق اللوائح الفنية والمواصفات القياسية الخاصة بمياه الشرب المعبأة، ومنها: مواصفة مياه الشرب المعبأة (1025/2014)، ومواصفة مصانع الأغذية والعاملين بها (21/1984)، ومواصفة بطاقات المواد الغذائية المعبأة (9/2013)، وكذلك مواصفة بطاقة مياه الشرب المعبأة (2232/2012)، حيث تتم متابعة ذلك من خلال برنامج رقابي شامل ودوري على جميع مصانع المياه المعبأة، مع سحب عينات عشوائية من منتجاتها في الأسواق المحلية، وإجراء التحاليل الفيزيائية والكيميائية والمكروبيولوجية؛ للتأكد من سلامة ما يعرض في الأسواق المحلية، ومطابقتها للمواصفات القياسية المذكورة أعلاه، وفي حال ثبوت عدم مطابقة أحد منتجات هذه المصانع للمواصفات القياسية المذكورة، يتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحق المصنع المخالف، ومنها إيقاف خطوط إنتاجه، وسحب المنتجات غير المطابقة من الأسواق، والتحذير من استخدامها عبر موقع الهيئة الإلكتروني. أغلب المنازل تُفضّل المياه المعبأة