هل ينطبق المثل "بين حانا ومانا ضاعت لحانا" على واقع المجتمع مع القطاع الثالث؟ أولاً لنتفق على أن تقسيم مؤسسات المجتمع إلى ثلاث فئات (عام وخاص ومجتمع مدني) فيه شيء من التعسف بحيث خرجت لنا نماذج من فئة وتنتمي لفئة أخرى. فالحكومة تؤسس الشركات وتمتلك في الشركات، والخاص بدأ يؤسس لقطاع غير ربحي لتحسين صورته، ومؤسسات مجتمع مدني بدأت تنزوي تحت فرق التطوع والإغاثة أكثر من الدفع والمشاركة في التنمية الوطنية. وعندما قلت إن حال المثل ينطبق على واقعنا فأنا أقصد هنا أن مجتمعنا يفقد الكثير من أدوار مؤسسات المجتمع المدني في التوظيف والإبداع والتنمية والاستشراف بل وحتى تقدير عمل القطاعين الحكومي والخاص. فمؤسسات المجتمع المدني في اعتقادي تمتلك الكثير في أعين الناس، بل هي تمتلك قطبي الشرعية باقتدار (الاعتراف بالوجود والاحترام). وهذا ما لا نلمسه متكاملاً في جميع مؤسسات القطاعين العام والخاص. فبعض المؤسسات نعترف بوجودها ولا نحترم شرعيتها بسبب الفساد أو سوء الخدمات أو الجشع والاستغلال. أما مؤسسات المجتمع المدني فتعطي وتعطي وتثمر ولا ترجو ثواباً إلا من الله. بل بعض مؤسسات المجتمع المدني أخذت على عاتقها تكريم المميز من جميع الفئات الثلاث. ولو نظرنا إلى مؤسسة الملك خالد الخيرية لتجسدت الصورة وتجلت بوضوح. فعندما أطلقت حديثاً النسخة الثانية من برنامج الزمالة الخيري السعودي "شغف" بالتعاون مع مؤسسة بيل ومليندا غيتس لاستقطاب الشباب السعودي من الجنسين وتمكينهم من العمل في القطاع غير الربحي هو نموذج يجعلنا نفتخر بمؤسسة تسعى لنقل المعارف والخبرات والتمكين الوظيفي في قطاع واعد لشبابنا. بل تقوم المؤسسة بأخذ المميزين من المستقطبين في رحلة علمية لجامعة كولومبيا الأميركية. كما أنها أسست جائزة الملك خالد لتشجيع العمل التنموي والتميز في قطاعات الجائزة. فشكراً لسمو الأميرة موضي بنت خالد أمين عام المؤسسة على هذا العمل المؤسسي الرفيع وللأميرة البندري بنت عبدالرحمن الفيصل على هذه الرؤية العالمية والاستشرافية. والشكر موصول لمجلس أمناء المؤسسة التي تخدم مجتمعنا بخطوات ثابتة. ورحم الله الملك خالد الذي جعل الاهتمام بالضعفاء أولوية في حياته. القطاع الثالث قطاع واعد وظيفياً وتنموياً فعسى أن ترفد تلك الكفاءات الشابة التي تؤهلها مؤسسة الملك خالد في تعزيز مكانة القطاع وتوسيع رقعة الإبداع والنجاح فيه. وصدق من قال إن "الأعمال في الدنيا تجارة الآخرة".