بعد أيام قليلة من إعلان ارقام ميزانية قياسية، صدرت عدد من الأوامر الملكية الكريمة التي تؤكد استمرار حرص القيادة الرشيدة على مواصلة التطوير والتجديد لآليات ومنهجيات ومنظومات العمل الحكومي، ورسم سياساته واستراتيجياته وصولاً إلى الريادة المنشودة في مجالات وقطاعات تنسجم مع #رؤية_السعودية_2030 وأهدافها، مما يعكس أن عهد البيروقراطية السلبية والمركزية الإدارية والمناصب الشرفية والوجاهة الاجتماعية والجعجعة الإعلامية زمن ولى دون رجعة؛ فنحن اليوم نعيش في عهد يتسم برؤية طموحه ويؤسس لمستقبل زاهر، ويستلهم أساس منطلقاته مما حباه الله هذا الوطن الغالي من مكانة دينية رفيعة وثروات اقتصادية تنافسية ومقومات ثقافية متنوعة، وأصالة في القيم والمبادئ والمرتكزات التي لا تمنع التغيير ومسايرة كل ما هو جديد؛ فالتحديات والمتغيرات المتسارعة من حولنا تلزمنا بسرعة الدخول إلى نادي المنجزات التي تحكي عن نفسها، وفي ظل هذا العهد الميمون المتميز بسرعة تجاوب وجزالة عطاء راعي نهضته، يجب ألا نرضى سوى بالتميز الذي قد لا يستلزم سوى تجديد الفكر والإصلاح الإداري. لقد جاءت حزمة الأوامر الملكية الأخيرة متنوعة وشاملة وحاملة في جعبتها بشائر الخير وتحتاج إلى عدة مقالات لنقاشها؛ لكن أهم ما ميزها تحديداً هو ما سبقها من لفتة ملكية كريمة وأبوية حانية باستمرار صرف بدل غلاء المعيشة الشهري للمواطنين من الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين ومستفيدي الضمان الاجتماعي والطلاب والطالبات، مما سيحفظ التوازن المالي لدى كثير من الأسر لمواجهة كثير من المتغيرات ويخفف عنها عبء المصروفات؛ حيث استهلت تلك الحزمة الأخيرة من التغييرات الوزارية التنفيذية والترتيبات الهيكلية التنظيمية بإعادة تشكيل مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين - أعزه الله -، وكذلك إعادة تشكيل مجلسي الشؤون الاقتصادية والتنمية والشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد - حفظه الله -؛ كما شملت تلك الأوامر في جانبها التنظيمي إنشاء عدد من الأجهزة وإعادة ترتيب ما هو قائم منها، حيث تم إنشاء جهاز باسم «ديوان مجلس الوزراء» يتولى المهام ذات الصلة بممارسة مجلس الوزراء ورئاسته واختصاصاته، والحق تحت مظلته عدد من الأجهزة القائمة والتي كانت تتبع تنظيميا مجلس الوزراء أو الديوان الملكي، وإعادة تنظيم الأخير بما يعكس مهامه الجديدة؛ كما تم ولأول مرة استحداث «هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية»، والتي بلا شك يتوقع أن يكون لها أثر في إعادة ترتيب السياسات والإجراءات العامة الخاصة بالمشتريات الحكومية وسيكون لها دور ملموس في تخفيف الفاتورة على الاقتصاد الوطني؛ وأيضا تم إنشاء «هيئة عامة للمعارض والمؤتمرات»، والتي ستتولى العناية وتقديم الرعاية لصناعة مهمة ورافد من الروافد الاقتصادية المتنوعة محليا وعالميا؛ وأخيرا تم إنشاء «هيئة سعودية للفضاء»، لتتولى توحيد الجهود الوطنية الموزعة بين عدة جهات، مما سيعزز من مكانة الوطن في علوم الفضاء وتطوير مجالات للشراكات العالمية لاستكشافه. لا شك أن تلك التغييرات التنفيذية والتنظيمية محورية في عمل كثير من المجالات والقطاعات التي تنسجم وتحقيق مستهدفات رؤية الوطن الطموحة، لكنها من حيث التوقيت وبعد إقرار ميزانية الوطن بأيام، جاءت لتؤكد نهج هذا العهد الميمون الذي يقاس فيها الأداء والتعاطي مع المهام الموكلة على أساس ما يلمسه الوطن والمواطن من إنجازات حقيقية، وفي ذلك رسالة بليغة من أن المسؤولية تكليف وأمانة وتتطلب كثيراً من العمل الجاد ومضاعفة الجهد وابتكار الحلول وتطوير الخطط، وأن بقاء أو تغيير أي مسئول مرتبط بمعايير التقييم المقترنة بقياس الأداء، وأساس ذلك ما يعود على الوطن من إنجاز ويلمسه المواطن من أثر.