استطاع «بيت الباحة» في المهرجان الوطني للثقافة والتراث «الجنادرية»، أن يكسب رهان الإبهار منذ اليوم الأول لانطلاقة المهرجان في دورته ال(33) يوم الأربعاء الماضي، وذلك من خلال محمولات التراث ومعانيه الضاربة في القدم، ومفرداته الموغلة في التاريخ، عبر الجواذب التقنية الحديثة، منظورة في «القبة الذكية» التي استحدثها «البيت» في القرية التراثية لاجتذاب زوار المهرجان، متيحًا لهم عبر هذه القبة فرصة التعرف على موروثات الباحة وتاريخها ومستقبلها وفرصها الاستثمارية الواعدة، عبر الرؤية البصرية والمشهد السينمائي.. مقاعد الصالة ال(40) ظلت في كامل عددها طوال فترة العرض، الذي يقدم كل نص ساعة، بمعدل 12 عرضًا يوميًا، بحيث يكون الدخول إلى الصالة عن طريق استخدام تقنية الباركورد.. ليجد الحضور أنفسهم أمام رحلة بصرية وجولة ماتعة تأخذهم إلى الباحة، أو تنقل الباحة إليهم، وهي تتراحب ما بين السهل والجبل.. وما بين وهاد الأودية البديعة وسفوح الجبال الشامخة.. رحلة بين اخضرار السهول وأعالي الجبال الداكنة.. متعة كبيرة مع أسراب الطيور.. وخرير مياه الينابيع.. وصرير الريح الهادي في كهوف جبل شدا.. وتجاويف صخور.. بانوراما بصرية تتخلق أمام المشاهد على شاشة العرض، ترحل في أرجاء شتى، تأخذك بين ردهات الجامعة ومعاملها ومكتبتها ومعاهد الفندقة وصالات التدريب وورش العمل، مرورا بالحدائق وأماكن التنزه والساحات وجنبات السدود، والمسطحات الزراعية الممتدة والغابات الكثيفة، لتنتهي بك اللقطة في جنبات القرى التراثية المدهشة، بين لهو الطفولة المتفرعة بالبهجة، وحداءات الرعاة خلف القطعان وأسراب الطيور التي تتهادى فوق الخمائل.. المنجزات التنموية ومن الطبيعة تنتقل بالصورة إلى إيجاز بصري عن المنجزات التي شهدتها المنطقة، فتتعرف على شبكة الطرق المعلقة التي تشق سفوح الجبال كشرايين للحياة بجسورها وأنفاقها التي تجسد ما قدمته الدولة من بذل سخي وعطاء لا يذوي تحقيقًا لغايات إسعاد المواطن التي لن تقف دونها صعوبة التضاريس.. تتشكل قصة المكان مشاهد من هنا وهناك تنطق بمظاهر النمو والازدهار الذي تشهده المنطقة في عهد حكومتنا الزاهر. كل تلك المشاهد تحت القبة الذكية وعلى شاشتها السينمائية، تحكي للزائر عبر الفيلم القصير ماضي الباحة التليد وحاضرها الزاهي ومستقبلها الزاهر بلغة تراعي إنسان العصر الذي يعشق اللقطة ويفضل الالتقاطة ويحفل بالبصري.. ويقبل بشغف على المشهدية الفاتنة.. ترنو القبة الذكية إلى اختصار حكاية الإنسان والمكان ومقومات الجذب وملامح المستقبل في مادة مرئية تقول كل شيء في دقائق معدودة وفي قالب أنيق وسط أجواء حالمة وأضواء خافتة تمنح اللحظة بهاء يشبه الباحة.. رحلة تطواف بين الأركان رهان الدهشة والإبهار يرافق زائر قرية الباحة التراثية، وهو يطوف في أركان البيت، وقد احتشد كل ركن بأيقونات حضارية وتراثية، تومي بإشارتها إلى تاريخ قديم، وأصالة عريقة، وتظهر براعة إنسان هذه المنطقة المعطاءة.. 10 أركان أو تزيد إن أحصيتها، كل ركن حكاية إبداع، وقدرة إدهاش، وروح مثابرة، والحرف والمهارات تنعقد فيها على قاعدة البراعة والإتقان: ركن حياكة الصوف، ركن الخوصيات، ركن صناعة السدو، ركن الأسر المنتجة، ركن الكادي والريحان، ركن الألعاب الشعبية، ركن العسل، ركن المأكولات الشعبية، ركن الأسلحة القديمة، وركن معرض الفنون التشكيلية. الأيادي تنساب في مهارة تطوع الخامات، لتصنع الدهشة، ستجد بين الأركان هذه، وتحديدًا في ركن «الفنون الشعبية» الفنانة «فتون الفيصل»، ستخبرك أنها أول فنانة سعودية ترسم بمادة البارود الذي يستخدم بالمتفجرات، وإن آثرت في مشاركتها أن تستلهم تفاصيل رسوماتها من عبق الماضي الجميل للباحة. على أجنحة التنمية والإنجاز حرّك قدميك الآن وطف على الأجنحة الأخرى في هذه القرية المتراحبة في هذا الفضاء المعبّق بالتاريخ والتراث والحضارة.