تحملنا الحياة من محطة لأخرى.. تتقاذفنا الأيام والسنوات، وتغيبنا الأزمات، وتعيقنا العقبات والصدمات.. ونتجاهل واقعنا الذي نعيشه، فتغيب عنا بعض التفاصيل المهمة في حاضرنا.. نمضي للمحطة الأخرى.. وهناك نقص ما.. تتراكم الفجوات حتى تعيقنا عن التقدم.. فنعيش في فوضى وعشوائية، تفقدنا الهدف وخط المسير.. هنا لا بد من العودة للمحطة السابقة والتزود بما تركناه خلفنا، ومن ثم معاودة المسير.. كالسهم الذي يعود للوراء تماما، حتى يصل لنقطة البداية، ثم ينطلق للأمام بأقصى سرعته.. العودة للخلف ليست بحد ذاتها مخجلة أو معيبة أو منقصة للقيمة، وإن بدا كذلك للعامة.. وليست أيضا مضيعة للوقت. الضياع الحقيقي أن نعيش بجزء مفقود، وفهم منقوص، وخبرات غائبة معدومة.. على الطالب المخفق في بعض المواد على سبيل المثال لا الحصر مادة الرياضيات والنحو، العودة للبدايات، ولو اضطر أن يعود للصف الرابع الابتدائي أو الصف الأول متوسط، واسترجاع ما فاته.. وفهم ما استغلق عليه في ذلك العمر المتقدم.. على المخترع الذي سيقدم اختراعا يسجل باسمه.. أن يعود لأصل الأشياء ومكوناتها الأولية الأساسية، فالزجاج أصله رمل، والألماس من فحم.. والفراشة من دودة، والعسل من حشرة، وهكذا حتى يبني قاعدة مشروعه على عمق وأساس متين، فلا تظهر الثغرات.. فلو استحضر كل مربٍ هذا المفهوم جيدا، وآمن به وحدد فجوات التعثر التي يجب العودة لها مع أبنائه أو طلابه..، لخف كثير من جهده في التربية أو التعليم، ولانطلق كل متأخر بأقصى سرعة ولتساوى الأقران نباهة وفهما. وما دمنا في بهو تحفيز الفكر والتفكير، وتنشيطه، ننتقل من مصطلح العودة للوراء ومن محاكاة السهم في عمله.. إلى تساؤل يقول: ماذا لو فكرنا بالعكس أو القلب؟ هذا المصطلح مهارة من مهارات (سكامبر) SCAMPER للمؤلف الدكتور:» أدوارد ديبونو «استخدمت للإبداع والإتيان بأفكار غير مألوفة.. التفكير بالمقلوب مخالف للمنطق والعادة ومناف للمعتاد والروتين ويحتاج إلى مبدعين مغامرين يتبنونه.. ولعل من أمثلة هذا الأسلوب (أسلوب القلب).. السلّم الكهربائي.. فبدلا من سير الشخص وجمود الدرج وتوقفه عُكست العملية وصار الشخص واقفا والسلم يتحرك.. كذلك من الأمثلة الدراسة عن بعد، فبدلا من ذهاب الطالب للجامعة أصبح الجامعة تأتيه في منزله، كذلك التسوق الإلكتروني وتوصيل المطاعم للناس جميعها أفكار استخدمت العكس فنجحت نجاحاً باهراً.. ومازلنا ننتظر المزيد منها تسهيلاً وتطويراً للحياة. * مشرفة تربوية