أوضحت ميزانية 2019 نمو الإيرادات النفطية 662 مليار ريال مع تحسن أسعار النفط واستمرار هذه النمو في السنوات القادمة، كما أن الإيرادات غير النفطية ستصل إلى 313 مليار ريال، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع إجمالي الإيرادات خلال الميزانية الحالية إلى 975 مليار ريال. أما المصروفات فإنها سترتفع بأكثر من ارتفاع الإيرادات لتصل إلى (1.106) تريليون ريال، مما سيخلق فجوة (عجز) بين هذه الإيرادات والمصروفات ولكنها باتجاها متناقص نحو نقطة الصفر في 2023 عندما يتقاطع منحنى الإيرادات صعوداً مع منحنى المصروفات ويحدث التوازن المالي بينهما. إن هذه السياسة المالية التوسعية وتخصيص بعض الخدمات الحكومية في إطار رؤية 2030 سيدعم النمو الاقتصادي ليتجاوز 2.7 % مستقبليا مع زيادة مساهمة القطاع الخاص واستثماراته بنسب أكبر في إجمالي الناتج المحلي، مما سيقلص البطالة وينعكس إيجابيا على زيادة الطلب الكلي (الإنفاق) على السلع والخدمات، مما سيرفع إجمالي الإيرادات غير النفطية طرديا مع ارتفاع قيمة الزكاة والضرائب المباشرة وغير المباشرة المحصلة. كما إن الإيرادات النفطية ستتحسن مع ارتفاع متوسط الأسعار المدعومة باستمرار نمو الطلب العالمي على المدى المتوسط والطويل، حسب توقعات وكالات ومراكز بحوث الطاقة خلال العشر السنوات القادمة وما بعدها. فمن المتوقع على المدى القصير والمتوسط أن يكون للدين العام أثر إيجابي كوسيلة للحصول على أموال إضافية للاستثمار في الاقتصاد وتطوير البنى التحتية، مما يحفز المستثمرين على الإنفاق عوضاً عن الادخار ويعزز النمو الاقتصادي، حيث تتوقع وزارة المالية أن يصل الدين العام إلى 678 مليار ريال أو 21.7 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2019 وفي مسار صاعد إلى 848 مليار ريال أي بنسبة 25 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2021. أما على المدى الطويل فإن استمرار الحكومات في الاستدانة لتمويل عجزها المالي قد يخلق آثارا سلبية على اقتصاداتها من خلال مزاحمة القطاع الخاص على مصادر التمويل، وتناقص الادخار الوطني والدخل مستقبليا، مما قد يضعف تصنيفها الائتماني مع احتمالية تخلفها عن السداد، فكلما اقتربت نسب المديونية من 70 % من إجمالي الناتج المحلي في الدول النامية و90 % في الدول المتقدمة، كلما زادت حدة خطورتها. ورغم أن الدين العام السعودي مازال بعيدا عن هذه المخاطرة، إلا أن التوسع في استخدام الدين العام سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد وعلى مساهمة القطاع الخاص وتحسين معيشة الأفراد. وبهذا نتوقع أن تركز الحكومة في الفترة القادمة وما بعد 2023 إلى 3030 على تقليص الدين العام تدريجياً بما يدعم النمو الاقتصادي.