رحبت المملكة بما تم التوصل إليه من اتفاق في مملكة السويد بين وفد الحكومة الشرعية للجمهورية اليمنية الشقيقة والوفد الحوثي، وأكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد ملتزمة بالوصول إلى الحل السياسي في اليمن بما يضمن أمنه واستقراره وسلامة أراضيه. وقال المصدر: إن المملكة تثمن دور الحكومة الشرعية للتوصل إلى هذا الاتفاق، كما تثمن لمملكة السويد استضافتها للمفاوضات. وفي سياق متصل، عقد مجلس الأمن الدولي، الجمعة، الجلسة الخاصة للاستماع إلى إحاطة للموفد الدولي إلى اليمن، مارتن غريفيث، حول «اتفاق السويد» بين أطراف الأزمة اليمنية. وقال غريفيث «أشكر ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، الذي أكد دعمه الحيوي والشخصي لهذه العملية، وكذلك الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي». وأضاف: «في إفادة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من الأردن، أن أطراف مفاوضات اليمن نجحت في التوصل إلى اتفاق، مثمناً تعاون الأطراف اليمنية في سبيل تحقيق هذا الإنجاز». وأشار إلى ارتفاع مستوى الثقة بين الأطراف اليمنية، التي تمكنت من التوصل إلى تسوية حول المعارك في الحديدة. ويشمل الاتفاق انسحاب كل الأطراف المسلحة من المدينة، موضحاً أن الاتفاق حيز التنفيذ، الخميس، 13 ديسمبر/ كانون الأول. من جهته، أكد معالي وزير الخارجية عادل الجبير، أن تطبيق اتفاق ستوكهولم سيمثل خطوة مهمة في الوصول إلى حل سياسي، يضمن استعادة الدولة وأمن واستقرار وسلامة ووحدة الأراضي اليمنية، مشيراً إلى أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين- يحفظهما الله - سعت للوصول إلى الحل السياسي المستند على المرجعيات الثلاث وعلى رأسها قرار مجلس الأمن 2216، منوهاً إلى أن سمو ولي العهد بذل جهوداً شخصية كبيرة لإنجاح المفاوضات في ستوكهولم. كما رحب الأردن والكويت والبحرين ومصر بالاتفاق بين الأطراف اليمنية وبرعاية الأممالمتحدة. ويمثل اتفاق الأطراف اليمنية في السويد انعكاساً لموازين القوة في اليمن، ونتيجة لجهود التحالف العربي لاستعادة الشرعية في كبح الانقلاب الحوثي، وردع مشروعهم الطائفي. من ناحية أخرى برُؤُوسٍ قد أينَعت وهمم مخذولة، جاءت ميليشيا الحوثي التابعة لإيران إلى مفاوضات السويد التي استمرت أسبوعاً بعد محنة شديدة وخيبة أمل وتحطم حلمهم الوهمي للسيطرة على اليمن وأجندتهم الطائفية للعمل على تدمير بنية الدولة وكذلك بعد محاصرتهم عسكرياً وهزائمهم المتلاحقة في جميع الجبهات، بعدما استطاعت قوات الحكومة الشرعية بدعم من التحالف العربي السيطرة على أكثر من 80 % من الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم. وأعلن المشاركون في مفاوضات السويد التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات المهمة التي قد تمثل بداية لانفراج الأزمة اليمنية، لعل أبرزها ملف «الأسرى» وملف «الحديدة»؛ حيث توصل الطرفان مبدئيًا إلى اتفاق لتبادل آلاف الأسرى، وهو اتفاق يعول عليه الكثيرون في لم شمل آلاف الأسر اليمنية، التي فقدت أبناءها منذ الانقلاب على الشرعية. كما وافقت الحكومة الشرعية على مقترح المبعوث الأممي السابق بتسليم ميناء الحديدة إلى الأممالمتحدة بينما كان الحوثيون يرفضون دائماً تسليم الميناء لأنه يعد من أهم مصادر الحصول على السلاح والتمويل في الحرب التي بدؤوها في العام 2014م ضد الشعب اليمني، ويقضي الاتفاق بانسحاب الحوثيين من الحديدة خلال 14 يوما، وهي خطوة مهمة في رفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني وما كانت لتتأتى دون استمرار الضغط العسكري بالتوازي مع العمل الدبلوماسي. وقال محللون سياسيون: إن مخرجات مفاوضات السويد جاءت مبشرة وتعتبر نواة حقيقية للسلام في اليمن ولكن إذا التزم الحوثيون هذه المرة ببنود الاتفاق المعلن في السويد، ولم يكن مستغرباً أن ترحب المملكة بالاتفاق لأن سياستها كانت وتظل أكبر داعم للشعب اليمني من خلال المساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار، والتحالف العربي تشكل لهذا الغرض وهو إعادة الشرعية والأمن والاستقرار لليمن. ولعل الدور الكبير الذي قام به سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في دعم مفاوضات السويد والتوصل للاتفاق المعلن يؤكد من جديد دور المملكة القوي ومكانتها في السعي لدعم كل ما من شأنه التوصل لمساعدة الشعب اليمني الشقيق. إن التحالف العربي مستمر حتى تحقيق أهدافه دون انتقاص، وعلى الحوثيين اليوم تغليب مصلحة الشعب اليمني بالوصول لحل سياسي شامل بناء على المرجعيات الثلاث. ومن جانبه، تمنى نبيل عبدالحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية، أن تكون المرونة التي أبداها وفد الحكومة اليمنية في السويد من أجل السلام، محل اعتبار وتقدير أمام الأممالمتحدة ومجلس الأمن حول مدى جدية الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في العمل من أجل السلام. وأكد عبدالحفيظ في تصريحات ل»الرياض» أن التحالف العربي لعب دورا أساسيا في السعي لدى الحكومة اليمنية لإنجاح مشاورات السويد حتى يكون هناك رد أعمق وأكبر أمام مجلس الأمن، إلى أي مدى هناك تذليل لكثير من الخطوات التي تتعنت معها الميليشيات على الرغم من الموقف العسكري المترنح في الحديدة والذي كان قاب قوسين أو أدنى من عملية التحرير ومع ذلك قبلت الحكومة وقبل التحالف العربي بإيقاف العمليات العسكرية وإعطاء فرصة لسلام حقيقي في المنطقة من أجل حقن دماء اليمنيين. وأشار عبدالحفيظ إلى أن المملكة بقيادتها الحكيمة كان لها دور كبير في العمل من أجل استعادة الشرعية، وإيصال هذه الميليشيات لأن تطلب من الأممالمتحدة أن تضغط على الحكومة الشرعية لتستطيع أن تتخلص من الحبل الذي كان يخنقها في الحديدة ويكاد يودي بها، لكن لا نخفيكم أننا نشعر بكثير من القلق لأننا اعتدنا من الحوثيين دائما النكوث بعهودهم وعدم الالتزام بها، هناك 75 اتفاقا سابقا لم يلتزموا به وهو ما يعطي مؤشرا سيئا ومع ذلك سنظل نتمسك بالأمل حتى آخر لحظة، وفي نفس الوقت الذي تحمل فيه أيادينا البندقية لتخليص البلد من هذه الميليشيا ففي الوقت ذاته نحمل في اليد الأخرى غصن زيتون للحفاظ على أبناء اليمن بعيداً عن كل هذه المخاطر التي تسوقها الميليشيات بكل رعونتها وبكل تصرفاتها الحمقاء. وأكد عبدالحفيظ على أن المملكة ستظل رائدة في حفاظها على مصالح الأمة العربية وعلى دعم إخوانها من اليمنيين كما هو المعتاد منها دائماً ولذلك سيظل هذا العمل يعطينا الكثير من الثقة أننا أصحاب حق ولن يخذلنا الله أبداً. وقدم الناشط السياسي اليمني نبيل سعيد الخولاني، جزيل الشكر للمملكة العربية السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وولي عهده الأمين - سدد الله خطاه - لما قامت وتقوم به من جهود جبارة لإحلال الأمن و السلام في اليمن، وترحيبها باتفاق السويد. أما بالنسبة لملف الحديدة، قال الخولاني: إن الكل يدرك ويعي جيدا أن مدينة الحديدة وميناءها سقطت مسبقا من يد المليشيات الحوثية، فالتقدم والإنجاز العسكري الكبير الذي حققته القوات المشتركة المسنودة بقوات التحالف العربي برا وبحرا وجوا حسم معركة الحديدة مسبقا، وما على المليشيات الحوثية إلا الانسحاب والتسليم بحسب ما تم الاتفاق عليه في مشاورات السويد، أو أن يعدوا أنفسهم للنهاية. وأضاف الخولاني أنه إذا كان هناك اتفاق حقيقي فيجب أن يكون على أساس أن تتخلى الميليشيات الحوثية الانقلابية عن انقلابها، وتخرج من جميع المحافظات التي تحت سيطرتها وتسلم السلاح دون قيد أو شرط، لكن يدرك الجميع أن الميليشيات الإيرانية الحوثية لا تلتزم بأي اتفاق أو عهد. وقال د. إسلام شاهين، أستاذ الاقتصاد والمالية العامة ورئيس القسم الاقتصادي بمركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بالقاهرة، إن سمو ولي العهد لعب دوراً مهماً في دعم مفاوضات السويد. وأشار شاهين إلى أن تسليم ميناء الحديدة يعد خطوة مهمة، لأن هذا الميناء قد حوله الحوثيون المرتبطون بإيران إلى منصة لتهديد الملاحة في البحر الأحمر واستلام الأسلحة الإيرانية، ويساهم تسليم الميناء في رفع معاناة اليمنيين حيث إن الميناء تدخل عبره أغلب المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية إلى ملايين من أبناء الشعب بعد أن كانت الميليشيات تعمد إلى نهبها والتحكم بها. وأوضح الباحث المصري المتخصص في الشأن العربي محمد حامد، أن مكالمة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كانت حاسمة في إنهاء التفاوض لصالح الشرعية اليمنية، ولا يمكن المساواة بين حكومة شرعية وعصابة إرهابية تابعة لإيران كانت تتفاوض بأساليب إيرانية وتتآمر على مستقبل اليمن. وقال حامد ل»الرياض»: إن خروج الميليشيا من الحديدة انتصار للشعب اليمني العظيم الذي كسر المؤامرة الإيرانية على بلاده حتى لا ترتهن بلاده إلى نظام الملالي وأيضاً إفشال محاولات قطر ضد التحالف العربي عبر دعم الحوثي إعلاميا وسياسيا وعسكريا. وأكد حامد أن السعودية والإمارات جاءتا إلى اليمن براية السلام وإعادة الأمل والطمأنينة لشعب كريم اختطفت بلاده من قبل ميليشيا مارقة ذات شعارات قفزت من العصر الحجري إلينا وكان تصدي الشرعية لها صارماً.