إن من يتأمل اللوحة التشكيلية يجد أن ما من فكرة لونية أو فلسفية في أعماقها إلا وتكون انعكاساً تاماً للحياة بصورتها الجمالية أو المأساوية أو فلسفة معتقد أو مبدأ أو عرف. إن المتلقي حين يغوص في اللوحة يحيا في عوالم لا حدود لها كفراغ الكون اللا متناهي؛ أي أنه يتجرد من ذاته وجسده، ويكون جزءاً لا يتجزأ منها، أو أنه يصبح فكرة فلسفية إن كان في انتمائه للون أو حتى في رمزية الشكل. في بعض الأعمال التشكيلية، سواء أكان لوحة أو عمل نحت، تجد أنها لا شيء من منظر..!! ومن منظور آخر هي كل شيء، من هنا تحيا بأن كل شيء ككل شيء يطرح عقلك الباطن عنه البقايا الزائلة من التاريخ. في صميم اللوحة متاهة فلسفية، في منتصف اللوحة تتعانق الألوان كخصلات شعر أنثى يراقصه الهواء على شاطئ أمواجه أشبه بخطوط نوتة موسيقية سقطت من سماء ماطرة.. نحيا بها.. يعزفنا حين يعزف الريح عازفها.. نتراقص مع فلسفة تلك اللوحة.. هي الحياة لوحة.. نَغَمَ من ثَغْرِ القدر..!! البرواز واللوحة شيئان متضادان متناغمان ازدواجية في الكيان، حيث ثمة شيء لا يمكن تجاهله، إذ إن البرواز يكون جميلاً حينما يكون مكملاً لهالة الأفكار باللوحة، ومن خلاله تخرج الفكرة ثائرة من محيطها الهادئ، تتبعثر في المكان كألوان الطيف كثورة الجياع.. كحرية الإنسان. أما إذا كان البرواز يتقمص شخصية بمسرحية دراماتيكية قمعية تقوم بدور السجان للأفكار، فَوَيْلٌ للوحة إن كسر بأفكارها البرواز فطريقها التيهان، وطريق صاحبها الرسم على الجدران. لا أود أن أقول هنا: تبّاً لهذه المسرحية.. أو تبّاً للجدران ولكنني قلتها..! * كاتب فنان تشكيلي