تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى الجزائر في إطار العلاقات المميزة التي تربط البلدين والإرادة المشتركة لقيادتيهما في تعزيز التكامل وتوسيع الشراكة الاقتصادية بينهما. وتعد الزيارة امتدادًا للعمل المشترك بين المملكة والجزائر في إطار تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين وبحث الاستثمارات المنتجة، والرغبة في استمرار هذه العلاقات وتوطيدها بما يخدم مصلحة البلدين. وتساهم زيارة سمو ولي العهد إلى الجزائر في تحفيز المستثمرين ورجال الأعمال لدعم وتطوير الاستثمار والاقتصاد وزيادة فرص العمل بين البلدين. وتشهد العلاقات بين الدولتين تقدما ملحوظا ظهر في حجم اللقاءات والتصريحات التي تعكس التوافق بين الحكومتين حول مختلف القضايا المطروحة، وأكدت قيادتا البلدين إرادتهما لتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية من خلال اللجنة المشتركة «السعودية - الجزائرية» التي تعقد اجتماعاتها بصفة دورية. وتعطي الزيارة زخما متجددا لمختلف الجلسات الثنائية المنبثقة عن اجتماع الدورة ال13 للجنة المشتركة «السعودية - الجزائرية» التي عُقدت في الرياض أبريل الماضي، والتي توجت بالتوقيع على ثلاث اتفاقيات للتعاون في مجالات الاستثمار والمطابقة والتقييس، وكذا في مجال العلاقات الدولية. وأكدت الجزائر أكثر من مرة أن العلاقة القوية التي تربط القيادة في البلدين متمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وولي عهده الأمين -سدد الله خطاه- وفخامة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، تتجلى في المستوى الرفيع للتشاور والتعاون القائم في مختلف المجالات ما يدفع بالعلاقة إلى مصاف أعلى. ويرغب البلدان في إقامة شراكات استثمارية استراتيجية؛ بهدف دفع العلاقات الاقتصادية وترقيتها إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، فيما تبدي الجزائر استعدادها للتعاون مع الرياض في جميع المجالات الاقتصادية لا سيما الصناعية منها والتي سجلت خلال السنوات تقدما معتبرا، كما يسعى البلدان إلى إقامة شراكات في مجالات المحروقات والبتروكيمياء والزراعة واقتصاد المعرفة والسياحة. وتربط المملكة بالجزائر علاقات تاريخية توطدت عبر السنين، وتتميز بأواصر الأخوة والقربى والتعاون والتضامن، على الجميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويتمتع البلدان بمواقع استراتيجية مميزة، ومصادر بترولية، أكسبتها أهمية فائقة في العلاقات الدولية على المستوى الدولي، وتعد الجزائر أرضا واعدة للفرص الاستثمارية في عدة قطاعات اقتصادية، كما تسهم المملكة من خلال «الصندوق السعودي للتنمية» في تطوير قطاعات الري والسكن والطاقة الكهربائية في الجزائر. إن المملكة والجزائر بينهما علاقات استراتيجية ذات أبعاد سياسية اقتصادية وثقافية وأمنية عبرت عن ذاتها في كثير من المواقف والقضايا، حيث وقفت المملكة بقوة في دعم وتأييد ثورة الشعب الجزائري للتحرر من الاستعمار الفرنسي وساندته في الأممالمتحدة ورفعت العلم الجزائري العام 1955م. وعلى الجانب الآخر، بعثت الجزائر في الآونة الأخيرة برسائل دبلوماسية إيجابية عدة للمملكة؛ إذ دانت الخارجية الجزائرية بشدة الاعتداءات الصاروخية التي وجهتها ميليشيا الحوثي ضد مدن المملكة، وقالت في بيان لها في شهر مارس الماضي إن «الجزائر تدعو للوقف الفوري لمثل هذه الأعمال العدائية، وإن الجزائر تعرب عن قلقها تجاه التصعيد الخطير، وتجدد تضامنها مع السعودية». والمتابع لملف العلاقات بين البلدين يدرك أن هناك آفاقا مستقبلية كبيرة للتعاون الثنائي كون البلدين عضوين فاعلين ومؤثرين في جامعة الدول العربية وتجمعهما الإرادة المشتركة لخدمة قضايا الأمة العربية، وتتفق البلدان على ضرورة نبذ التطرف ومنع خطاب الكراهية ومكافحة الإرهاب. وتتجلى العلاقة القوية التي تربط المملكة بالجزائر في المستوى الرفيع من التشاور والتعاون القائم بين قيادتي البلدين في مختلف المجالات، ما يشير إلى آفاق جديدة للشراكة بين المملكة والجزائر فيما بينهما وبخاصة في مجالات الطاقة وفيما يخص قضايا المنطقة حيث تؤيد المملكة والجزائر الحل السياسي للأزمات العربية في ليبيا واليمن وسورية وتؤيدان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.