أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ د. عبدالرحمن السديس، أن الأدب مع الله يستوجب تحقيق التوحيد وإخلاص العبادة له سبحانه، والمسارعة إلى مَرْضَاتِه، وتمام الخضوع له، وحُسْن التوكل عليه، والحياء منه، والوقوف عند حدوده، والتأمل في آياته الكونية ومخلوقاته، وبديع خَلقه ومصنوعاته. وقال في خطبة الجمعة أمس من المسجد الحرام: إن من تمام الأدب مع الله سبحانه؛ الأدب مع نبيه الكريم، فإذا كان الأدب عدم رفع الأصوات فوق صوته لأنه سبب لحبوط الأعمال، فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سُنَّتِهِ وما جاء به، فالتقدم بين يَدَي سُنَّتِه بعد وفاته، كالتقدم بين يديه في حياته، ولا فرق بينهما كما قال أهل العلم، فالتأدب معه واجب، وبعد وفاته وجب التأدب مع سنته وهديه، وما صح عنه. وأشار د. السديس إلى أنَّ من المؤسفِ حقّاً، أنّ بعضَ أهلِ الإسلامِ لم يَقْدُرُوا رسولَهُمْ عليه الصلاة والسلام حَقَّ قَدْرِه، حتَّى وهُمْ يَتَوجَّهونَ إليهِ بالحُبِّ والتَّعْظِيْم؛ ذلكَ أنَّهُ حُبٌّ سلبيٌّ، لا صَدَى لَهُ في وَاقِعِ الحياة، ولا أثرَ لَهُ في السُّلُوكِ والامتثال، مؤكداً أن الأدب اجتماع خصال الخير في العبد، وهذه القضِيَّة قد حَسَمها الإسلام، فأيُّ نائبة تلك التي تُصِيب الأمَّة، حِين يُفتقد الأدب بين أبنائها. وأضاف أن تمام الأدب إجلال ذي الشيبة واحترامه، لاسيما الوالدين الكريمين، وتوقير أهل العلم وتعظيمهم، وحفظ مقاماتهم، وصيانة أعراضهم، والذب عنهم وحسن الظن بهم، وإجلال ولاة الأمر مع السمع لهم والطاعة في العُسْرِ واليُسْر والمَنْشَط والمَكْرَه في غير معصية الله، والالتفاف حولهم، وجمع القلوب عليهم، وعدم منازعتهم أو الخروج عليهم، ولكلٍ أدبه الذي يليق به، قال ابن القيم: «أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره، فما اسْتُجْلِبَ خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا اسْتُجْلِبَ حرمانها بمثل قلة الأدب»، فتمسكوا رحمكم الله بآدابِ وأخْلَاقِ نبيكم الكريم، واتبعوا هَدْيَهُ القَوِيم، وأكْثِرُوا واسْتَكْثِرُوا من الصلاة والسلام عليه، فذلك من قمة الأدب معه.