سيكون يوم 30 نوفمبر يوما مُختلفاً على وجه الكرة الأرضية، ففي الأرجنتين وفي عاصمتها بيونس آيرس ينعقد الاجتماع الثاني عشر لمجموعة العشرين، وهي أول قمة للمجموعة تستضيفها أميركا الجنوبية، بحضور عالمي كثيف وبحالة من الانعتاق يمر بها العالم ورُبما تكون هذه القمة التي -يمثل العرب فيها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد- كحضور عربي وحيد.. أقول رُبما تكون قمة الخروج من المأزق الاقتصادي ومن الركود الاقتصادي الذي يمر به العالم أجمع. تأتي هذه القمة في ظل التداعيات الأخيرة التي صخبت بالعالم وبارتفاع أسعار النفط ومن ثم التحركات السعودية لكبح هذا الارتفاع وخلق نوع من التوازن في العرض والطلب، ليكون السعر مقبولاً لدى الجميع، حفاظاً على التوازن بين المداخيل في دول العالم وعدم تأثر اقتصادها جراء ارتفاع أسعار الوقود وأسعار الطاقة بشكل عام. كعادتها تلعب المملكة العربية السعودية الدور الأهم والمحوري في التوازن العالمي وهي نقطة مهمة في خارطة الطريق سواء من الناحية الاقتصادية والتي هي عصب الحياة الآن، أو من الناحية السياسية وثقلها، مما أوجد لها مكانة مهمة بين دول العالم وكسبت الاحترام والتقدير من الشعوب قاطبة وأصبحت المملكة العربية السعودية من ضمن الدول الأكثر تأثيراً في العالم. وفي بيونس آيرس يمثل العرب هُناك ولي العهد الذي يحمل معه ملفات عدة ويلتقي العديد من رؤساء الدول ومن أهمهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي بوتين وغيرهم من الرؤساء وأصحاب المال والنفوذ من رجال أعمال وسياسيين لهم ثقلهم على الخارطة العالمية. والجميل لنا في المملكة -وهو شأن نفخر به- أن زعماء العالم هم من طلبوا اللقاء مع الرياض ولقاء الأمير محمد كوننا نحمل الأمل ومفتاح الحلول للعديد من الملفات الشائكة والمشكلات التي يمر بها العالم ومن ناحية أُخرى عُرف عن السياسة السعودية التوازن والعقلانية في مقاربة العديد من القضايا العربية والعالمية سواء كانت سياسية أم اقتصادية فنحن بعيدون عن الانزلاق خلف تيارات التأجيج أو الاندفاع في اتخاذ القرارات، فهُناك قرارات حكيمة متوازنة جعلت من العالم أجمع يثق بقدرات وقرارات المملكة العربية السعودية وقادتها وحكمتهم في معالجة الأزمات. وما قرار تخفيض إنتاج النفط في اجتماع أوبك الأخير إلا دليل على حكمة ولاة الأمر في أن يكون سعر البرميل معقولا إلى حد ما، وأن الارتفاع ليصل إلى ما فوق الثمانين دولارا أو أن يتعداها ويلامس المئة ليس في صالح الدول واقتصادها حتى وإن كان ذلك القرار سيكون له مردود عالٍ ودخول بالمليارات على السعودية فنحن وكما يؤكد سمو ولي العهد دائما وأبداً نخلق التوازن بين مصالحنا وننظر إلى مصالح الأصدقاء وإلى مصلحة الشعوب الأُخرى. هُنا تكمن العقلانية في قرارات الحكومة السعودية مُنذ أن أرسى قواعدها المغفور له الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حتى يومنا هذا، ومن يقرأ التاريخ جيدا سيجد العديد والعديد من الشواهد التي تؤكد كلامنا وما مشاركة المملكة في قمة العشرين إلا دليل على تاريخها الطويل الناصع والعادل لكافة الأطراف. قمة العشرين يسبقها جولة لسمو الأمير محمد تشمل العديد من الدول العربية ولن يتوقف الحراك السعودي في بيونس آيرس بل إن هناك جولة في بعض دول أميركا الجنوبية لإبرام عقود مع مُستثمرين هناك لجذب الاستثمارات إلى المملكة وتوسيع رقعة التعاون بين هذه البلدان والرياض كما حدث مع دول أميركا الشمالية ودول شرق وغرب آسيا. هناك ضيوف في القمة تم توجيه الدعوات لهم من قبل الحكومة الأرجنتينية سواء من المنظمات الدولية التي لها ثقلها أمثال مصرف التنمية للبلدان الأميركية ومصرف التنمية لأميركا اللاتينية، أو حتى دول لم تكن من ضمن مجموعة العشرين ولكن لها ثقلها في العالم ولها وزنها الاقتصادي أمثال تشيلي وهولندا واللتين قطعتا شوطا كبيرا في الازدهار والتنمية. ومن خلال القمة سيتم التركيز على ثلاثة محاور تهم العالم أجمع أهمها مستقبل العمل والبنية التحتية للتنمية والمستقبل الغذائي المستدام. قمة لها أبعادها التاريخية ولها قراراتها التي ستُغيّر وجه الكرة الأرضية فما يخرج من قرارات في هذه القمة سيُلقي بظلاله على الناتج المحلي والقومي لاقتصاديات الدول وعلى بوصلة الاقتصاد العالمي برمته. قمة يوجد فيها سمو الأمير محمد كممثل للعالم العربي هو بحد ذاته أكبر دليل وشاهد على مكانة المملكة وتبوئها المكانة العالمية ضمن دول لها تأثيرها في الحراك السياسي والاقتصادي ودولة لها ثقلها ومكانتها بين دول العالم.