فنّد نواف البيضاني دعوى سريانية القرآن الباطلة التي ترى أن القرآن لايمكن فهمه فهما كاملًا دون معرفة اللغة السريانية وأن رسم القرآن رسمًا سريانيًا، وأنَّ النقط والشكل الذي أضيف لاحقًا كان خطأ لعدم أخذها في الاعتبار أن لغة القرآن سريانية أو على أقل تقدير خليط عربي سرياني. جاء ذلك في محاضرةٍ ألقاها بعنوان: «دعوى سريانيّة القرآن: مقاربة لغويّة» في مجلس حمد الجاسر الثقافي وأدارها محمد الخالديّ. وتناول المحاضر خطورة مثل هذه الدعوى عقديًّا ولغويًّا وتاريخيًّا، وبيّن أن التسليم بفكرة استخدام لغة أعجمية كالسريانية لفهم القرآن وتفسيره على الوجه الصحيح تتعارض ونصوص القرآن حيث يقول تعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) ويقول جل وعلا: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ويقول تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) ويفسرها الطبري؛ فيقول: «ولو جعلنا هذا القرآن الذي أنزلناه يا محمد أعجميًا لقال قومك من قريش: (لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ) يعني: هلَّا بيّنت أدلّته وما فيه من آية، فنفقهه ونعلم ما هو وما فيه، أأعجميّ؟ يعني أنهم كانوا يقولون إنكارا له: أأعجميّ هذا القرآن ولسان الذي أنزل عليه عربي؟. فالخلاصة أن الإقرار بصواب هذه الطريقة لفهم القرآن وتفسيره فيها تكذيب له لا يحتمل تأويلًا حسنًا، ويترتب عليه هدم لكل ما وردنا من رواية شفهية متواترة للقرآن والحديث ولتاريخنا وثقافتنا وموروثنا الثقافي عمومًا. واستعرض المحاضر تاريخ هذه الدعوى وبداياتها وتطرق بمزيد تفصيل بمقدمة عن اللغات الجزيرية وعن اللغة السريانية خصوصا. وذكرأهم المستشرقين والمناصرين واليهود ممن أصّلوا هذه الشبهة. ثم ناقش كتاب «لوكسنبرغ» وهو سرياني لبناني ألّف كتابًا بعنوان: «قراءة سريانية آرامية» وحاول فيه رد كثير من كلمات القرآن للسريانية بتعسّف شديد ومنهج غير علمي. وناقش المحاضر كذلك تأثر بعض شبابنا بهذه الشبهة، والترويج لها بحسن نية مفند النظريات التي تنطلق من خلالها هذه الدعوى كادعاء أن خط الجزم الحجازي خط سرياني، وأن العرب أخذوا النقط والتشكيل من السريان، وبيّن سبق العرب لذلك وأقدمية الصناعة المعجمية عند العرب على مثيلتيها في العبرية والسريانية، واعتماد المستشرقين في تفسير مشكل الكتاب المقدس بالرجوع للمعاجم العربية كما هو متعارف عليه عند المتخصصين لا العكس كما يفعل مروجو دعوى سريانية القرآن.