تظل المرأة المخلوق الأكثر إثارةً على الكرة الارضية، وهي الكائن الأكثر غموضاً وتشويقاً وبساطة في ذات الوقت، هي المادة الدسمة للكتاب والأدباء والشعراء والمفكرين، كتبوا عنها ولها، وقد أنصفوها وأحياناً كثيرة ظلموها، هجوها ومدحوها، حاولوا الدخول إلى أسبار نفسها، وأحياناً قرؤوا غلافها فقط، تحدثوا عنها، حاولوا فهم مشاعرها، دموعها، قوتها وسطوتها، ضعفها وقلة حيلتها، وأحبوها وقد كرهوها، تغزلوا بجمالها، وعشقوا لطفها وحنانها، وشغفوا بحميميتها، خافوا من عقلها، واهتموا بفكرها، وعلى مدى العصور والأزمان بقيت المرأة اللغز السهل الممتنع والصعب في ذات الوقت. وجدت المرأة في الأقوال المأثورة والأمثال الشعبية فقد كتب الحكماء عنها، لكن المرأة ضاقت بكلمات كرست صورة ذهنية دونية عنها، هذه المرأة التي لن يستطيع أي منا الاستغناء عنها، فتتعدد أدوارها التي تطوقنا بها منذ طفولتنا وحتى مماتنا، فهي الأم الحنون والأخت الرحوم، والبنت العطوف، والزوجة الودود، تقوم بها المرأة لمن حولها بكل الحب والمودة والرحمة. وفي ظل الصورة الذهنية الدونية التي قد تكون من بعض ما قيل وكتب عن المرأة لا ننسى كثيراً مما قيل عنها يمجدها ويعظمها ويمتدح جمالها وذكاءها وعقلها وروحها، بل ويدخل في جوانب ذاتها فيتحدث بصوتها وعلى لسانها، فتضاربت الأقوال والحكم والأمثال وتناحرت بين منصف لها وظالم، وفي جولة سريعة على بعض ما كتب عنها وما قيل، نجد في أقوال الحكماء والمفكرين فيها من الغموض وأحياناً الإجحاف والرمزية والمواربة ما قد نعتقد أن ما كتب عنها يمتدحها بينما هو يذمها/ يقول المفكر عباس محمود العقاد: "إذا كانت المرأة الجميلة جوهرة فالمرأة الفاضلة كنز"، فهل يرمز المفكر العقاد إلى ندرة المرأة الفاضلة؟ لذا فهي كنز فالكنوز غير متوفرة دائماً لذا سميت كنز. أما مقولة (خلف كل رجل عظيم امرأة) فلماذا لم يقولوا (بجانب كل رجل عظيم امرأة؟) تكريس الدونية في بقاء المرأة خلف الرجل العظيم وليس بجانبه وإن وقفت المرأة وراء الرجل فهي لن تستطيع إرشاده بل على العكس حيث إنه سيبدأ بالمشي وسيمضي. وهي لن ترى الطريق معه. وها هو جورج برنارد شو يقول: "المرأة ظل الرجل، عليها أن تتبعه لا أن تقوده"، وفي ذلك امتداد فكرة أن المرأة من الرجل وعدم استقلاليتها عنه. وبعيداً عن السلبية نجد أن هناك أقوالا تنصف المرأة وتؤكد على دورها الريادي يقول المثل الهندي: (إن المنزل ليس حجراً بل امرأة) تعبيراً منه أنها هي أساس البيت وبناؤه، أما الفيلسوف سقراط فقد قال عنها: (أعظم امرأة هي التي تعلمنا كيف نحب ونحن نكره، وكيف نضحك ونحن نبكي، وكيف نصبر ونحن نتعذب) فهي الطاقة الإيجابية التي تشحن البشر فتحولهم من أحوال الحزن والكآبة والظلم إلى الحب والضحك والسعادة. أحتاج إلى صفحات حتى أشمل كل ما قيل وكتب عن المرأة، لكن تظل المرأة هي الملهمة للكثيرين، وستبقى هي الأهم في خارطة البشرية.