شهد دوري كأس الأمير محمد بن سلمان ارتفاعًا في المستوى وقوة لم تشهدها البطولات السعودية من قبل، خصوصاً بعد الدعم غير المسبوق الذي تلقته الأندية، وقرار رفع عدد المحترفين الأجانب، إضافةً إلى حضور تقنية «VAR» والحكم الأجنبي في مباريات الدوري كافة، وامتلاء المدرجات بالجماهير بعد المستويات الكبيرة التي تقدمها الأندية، والجوائز التي وضعتها الهيئة العامة للرياضة. ولم يستمر هذا الجمال الذي تزينت به البطولة الأقوى عربيًا، إذ بدأت بعض إدارات الأندية في تشويهه بقرارات ارتجالية وعشوائية، تمثلت في إقالة المدربين والتي أصبحت من سمات الدوري السعودية منذ أعوام عدة، الأمر الذي يعيد البطولات السعودية إلى خط البداية بعد أن قفزت بسرعة هائلة، وقطعت شوطًا كبيرًا في التطور. عاد الدوري كالسابق، وأصبح المدربون يتطايرون في كل جولة، والإدارات تستعد لإقالة المزيد منهم خلال الجولات المقبلة بسبب سوء النتائج وأسباب أخرى غامضة في بعض الأحيان، فالمدرب هو الشماعة المفضلة التي تستخدمها الإدارات وتغطي فشلها به، وإبعاده الوسيلة الأنجع لمراضاة الجماهير وامتصاص غضبهم. إبعاد المدربين بهذا الشكل يعد هدرًا كبيرًا للمال، فالمدرب المقال سيحصل على الشرط الجزائي، كما أن التعاقد مع الجديد سيكون بمبلغ مالي كبير أيضاً، كما أن المدرب الجديد سيفرض على الإدارة أسماء جديدة للتعاقد معها، وتسريح بعض اللاعبين الذين لا يتماشون مع خطته وطريقته في اللعب، وكل هذا سيكلف خزانة النادي مبالغ كبرى. ولا تتوقف الإصرار على الهدر المالي فقط، بل يمتد إلى ضرب الاستقرار الذي تسعى إليه أي إدارة محترفة في شتى بقاع العالم، إذ إن الخطة، طريقة اللعب، والتعامل ستتغير، ويبدأ كل مدرب جديد في تأسيس الفريق من جديد. شهد دوري كأس الأمير محمد بن سلمان إقالة ستة مدربين قبل أن تنتهي الجولة التاسعة منه، إذ افتتح الاتحاد مسلسل الإقالات بإعفاء الأرجنتيني رامون دياز، ولحقه مدرب القادسية الصربي ستانغوفيتش، ثم مدرب الباطن البلجيكي فرنك فركاوترن، تلاهم مدرب الفيصلي الروماني مريشا ريدنك ومدرب الفيحاء كونستانتين جالكا، وأخيرًا مدرب النصر الأورغوياني دانيا كارينيو بعد أن سجل ستة انتصارات وتعادل وخسارة في الدوري. تواصل هذه القرارات يعطي المتابعين انطباعًا بأن الأندية لا تملك آلية واضحة في طريقة التعاقدات، وتعتمد على العمل الارتجالي وهذا بحد ذاته نتيجة العمل الارتجالي من دون استشارة المختصين من الناحية الفنية والإدارية والمالية أيضاً. المراقبون الفنيون اعتبروا ما يحدث نتيجة واقعية للعمل الارتجالي، والاعتماد في التقييم على النتائج فقط دون النظر إلى بقية المعايير الفنية في التقييم، في حين أن بعض الأندية لديها لجان فنية بصورة شكلية وغير فعالة وأعضاء غير مؤهلين فنيًا، فمن يقرر ويتخذ قرار الإقالة أو التجديد هم الإداريون والذين لا يملكون صفات فنية تساعدهم على الاختيار والتقييم الصحيح للمدرب، وبالتالي فالمدرب يتحمل الفشل ويصبح هو الحلقة الأضعف في المنظومة. ومن المتوقع ازدياد مسلسل الإقالات، فلا يمكن لأي مدرب ضمان منصبه حتى نهاية عقده، فهزيمة أو اثنتين جديرة بإلحاقه على أول رحلة مغادرة إلى بلاده. دياز