يعيش العالم في هذه الحقبة حرباً تنموية ضروساً صاعدت من وتيرة السباق بين الدول وكذلك المؤسسات بشكل حاد ومتسارع في الأصعدة كافة. ولم يعد للمباهاة بالميزة النسبية مكان أو مجال، بل بما تملكه تلك المنظمات من ميز تنافسية تقارع بها مثيلاتها وتسابقهم في صعود سلم الأفضلية على مؤشرات الريادة المحلية والدولية. ولا شك أن ذلك يدفع المؤسسات إلى ضرورة امتلاك الأدوات والمفاتيح اللازمة أو ما أسميها "أسلحة العمار الشامل" التي تعين على الصمود والمضي قدماً بلا هوادة في جبهة هذا الغمار. حيث لابد أولاً من تبني مفهوم البحث والتطوير الذي يتمحور حول تقييم المنهجيات والتقنيات الممارسة، ودراسة المتغيرات العلمية وكذلك متطلبات وتطلعات المستفيدين بهدف توظيف تلك المعرفة في رفع كفاءة العمليات وتحسين الخدمات والمنتجات الحالية، بالإضافة إلى استحداث منتجات وخدمات جديدة حتى لا تهرم المنظمة وتعاني من الشيخوخة المؤسسية. ومن قصص النجاح الباعثة للفخر في ذلك روبوت "سبايس راك" الذي صنعته أرامكو السعودية وحصدت به قبل أيام جائزة وورلد أويل 2018 في فئة أفضل تقنية استكشاف. وعندما يتلاقى الحديث بين التنافسية والبحث والتطوير فلا ريب أن الحوار سينساب حتى يستقر ثانياً عند عملة الإبداع والابتكار التي تصنع الفارق الحقيقي في التصنيف، وترفع من أسهم المنظمات وتجعلها تتحرر من إجراء المقارنات إلى تقديم أفضل الممارسات في إدارة الأعمال والعلاقات المهنية. ليس ذلك فحسب، بل تسهم في تخفيض النفقات والهدر ورفع الإنتاجية، ونمو النتائج في ترند إيجابي صاعد. أما ثالثاً فهو التنمية المهنية للعاملين التي يجب حتماً ألا تقف أنشطتها مهما بلغت شدة الأزمات وحمى التحديات، إذ لابد أن تنطلق أعمالها من دراسة السوق واحتياجات المجتمع وكذلك تطورات مجال الحقل محلياً وعالمياً للوصول إلى قياس وتحديد الفجوة المعرفية والمهارية التي ستخضع لها خطط التدريب والتأهيل للموظفين. وأما رابعاً فيأتي موضوع الساعة الذي بدل الثقافة المتعارف عليها في أروقة المؤسسات، ونقلها من مربع التعاملات الورقية إلى عصر التقنية والمعرفة والمعلوماتية وهو التحول الرقمي الذي أخذ رداءه يكسو العمليات المؤسسية كافة. وقد أوضحت جمعية إيساكا أن التحول الرقمي أصبحت تقود دفته خمس تقنيات رئيسة هي الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وتعلّم الآلة وإنترنت الأشياء، وسلاسل الكتل والبيانات الكبيرة، والتي يتعين أن نسارع إلى مواكبتها وتوظيفها ميدانياً. أختم بقولي: إن استراتيجية المحيط الأزرق الهادئ باتت غير آمنة أيضاً نظراً لتزاحم المنافسين في كل مكان ونضج خبراتهم التراكمية ومعرفتهم العلمية، لذا لابد أن تقف مؤسساتنا كافة خلف طموحات وطننا التنموية ورحلته الحضارية المستقبلية وذلك عبر امتلاك وتوظيف مفاتيح الريادية وأسلحة التنافسية.