شهد التاريخ للمعلم بالرفعة والاحترام، فهو الأمين المستشار والأب البار لدى الكبار والصغار، وهو أيضاً القاضي عند النزاع والشجار، وهو بمثابة سراج منير للسالكين طريق العلم والمعرفة، وهو درب الرسل والأنبياء وهو المؤتمن على العقول وحفظها وصيانتها من الضياع والانحراف، لا تكاد تجتمع هذه الصفات لأحد سوى المعلم، وقد أثبتت تجارب كل الدول المتقدمة أنهم لم يروا النهضة الحقيقية إلاّ لمّا أخذ المعلم مكانته وهيبته في المجتمع في أساس حجر النهضة في أي أمة من الأمم. وقعت حادثة اعتداء ضرب معلم من جنسية عربية على طالب في مدرسة الطلائع في مدينة أبها، وقد انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار غضب الجمهور، وبالأمس أصدر أمير عسير بشكل عاجل لجنة تحقيق حول الحادثة، وصدر في حقه قرار من إدارة تعليم عسير فصل المعلم من المدرسة، وليست هذه المرة الأولى اذ سبق أن أحدث عدة مشاكل في السياق نفسه، وأحياناً نجد العكس طالب يعتدي على معلم أو ممتلكاته الخاصة. وقالت نورة الشهري -معلمة-: إن قرارات الوزارة تتخذ في غالبها من خلف المكاتب ولا علاقة لها بالميدان وما يحدث فيه -حسب قولها-، ونتيجة لذلك أصبح الطالب وأسرته على دراية أن النظام في كثير من الأحيان في صفّه، وحتى وإن صدر بحقه عقوبة فإنها لا تصل لبشاعة جرمه. وأكدت أماني -مُعلمة- على أن اللوائح والأنظمة الصادرة من وزارة التعليم والتي ساهمت بشكل كبير على تجرؤ الطالب على معلمه، والتي ساهمت بشكل واضح في انتشار ثقافة المنع داخل المدارس (ممنوع العقاب، ممنوع الطرد من الفصل). من جهته قال المتحدث الرسمي لوزارة التعليم مبارك العصيمي: وضعت الوزارة لائحتين للنظام والسلوك في المدارس إحداهما للمرحلة الابتدائية والأخرى للمرحلتين المتوسطة والثانوية، وفيهما تفاصيل دقيقة لهذا الأمر، وتعالج هذه اللوائح وبكل جدية جميع المخالفات التي تقع في اليوم الدراسي، وحددت الوزارة لكل مخالفة عقوبتها المناسبة وتم تطبيقها في جميع المدارس للبنين والبنات. وأوضحت أماني المنبهي -مُعلمة- أن نظام الامتحانات الذي سهل للطالب النجاح بأقل جهد يبذله، وبالتالي هو يشعر بعدم حاجته للمُعلم، كذلك تكليف المُعلم بمهام غير مجاله كالمناوبة والمراقبة وعدم إعطائه حقه من قبل المجتمع، مضيفةً أن إسقاط المعلم لجميع الحواجز التي بينه وبين طلابه مما جرأهم عليه، وقلل من قدره عندهم، أيضاً كثرة جلوس المعلمين مع الطلبة وتساهلهم في الحديث معهم أدى الى ذهاب هيبة المعلم واختفاء المعلم القدوة. وقالت هنادي علي -طالبة-: إن قرب المُعلمة وتفهمها لحاجة الطالبات جعل الحدود بينهم قليلة، كونها قريبة منّا ولا نتردد بطلب مساعدتها، وقربها يكون مساعداً لفهم المادة أكثر وجعلها أكثر سهولة. وأوضحت فاطمة -طالبة- أنه إذا كانت المعلمة ذات شخصية قوية سوف تتردد الطالبة في الذهاب إليها، مما يضع الحواجز بينهن وبينها، ذاكرةً أن الحواجز من شأنها إلغاء أمور عديدة منها عدم تفهم المُعلمة لما تحتاج إليه الطالبة من فهم المادة. مبارك العصيمي Your browser does not support the video tag.