هل تشعر بالتشوش وعدم تركيزك لحجم المعلومات المتضاربة التي تستهدف عقلك وأمنك النفسي كل يوم خاصة بعد فتح الباب على مصراعيه على الوجه الحقيقي المزدوج للعالم "الحر"؟ لا تبتئس. وحتى الأجهزة الإلكترونية وهي مبرمجة لأن تعمل آلياً، قد تصبح أقل كفاءة واستجابة لما نطلبه منها. إنها إشارات إلى تداخل في الملفات مما يربك استجابتها لأوامرنا لها. والعلاج: إنه الجرد وإعادة ترتيب الملفات، وتنظيف دوري بالتخلص مما استنفدت صلاحيته وأهمية بقائه في حواسبنا الآلية. وأكتشف وجه الشبه بين هذه الحال وبين إحساسنا بانعدام التوازن الداخلي، والشعور بأن هموم الحياة العامة والخاصة تثقل علينا، مما يجعلنا عاجزين عن الاستجابة بأسلوب صحي، بدنياً ونفسياً، لمطالب الحياة اليومية من نشاط وهمة وإنتاجية. وأكتشف كم المعرفة، التي يوفرها لنا عالم التكنولوجيا الحديثة من خلال التعامل مع أدواته في تشخيص المشكلات الحياتية واختيار الحلول. وأتعلم التخلص من الإحباط بوضعه على خاصية ترتيب الملفات والتحديث. وهذا ما نحتاجه دورياً في عالم البشر.. ألا تحتاج بيوتنا إلى جرد وتنظيف دوري مما استنفدت صلاحيته أو تكدس، نتيجة لنمط استهلاك هيستيري لكل ما يُسوق لنا من بضاعة أو معلومات!؟ وقاية من آثاره السلبية على أعصابنا وصحتنا. ملفات وملفات مكدسة في أرشيف ذاكرة المخ يختلط فيه الحابل بالنابل، والمهم بغير المهم!؛ وكما هي الحال في ذاكرة الحاسب الآلي، بعضها متاح للاستدعاء والاستعمال الحالي، وكثير منها مؤجل، وملفات أخرى تتعمد الذاكرة التغافل عنها، ولكن مع بقائها تتعثر دورة الحياة الطبيعية والتفكير السليم. قد لا ندرك أن الكثير من الشعور بالهم، وبأننا مُثقلون ومحبطون هو انعكاس لهذا التكدس الذي يزداد سوءاً إن لم يخضع لمواجهة جريئة مع النفس والفكر ومع الواقع، وما يتكشف منه من دروس حتى وإن كرهناها. شعارات تمسكنا بها، وأشخاص صادرنا عقولنا لفكرهم، وحقبات سياسية تحولت إلى دراما مأساوية نجترها كل حين رغم إشهار إفلاسها، ملفات خُدعنا بمصداقيتها ووعودها بالحرية المشتهاة، وما حصدنا منها غير الدمار، نحتاج للتخلص منها وقتاً للصمت والتفكر.