لكثرة الأسئلة عن كهربائية القلب، وطلب كثير من المرضى وأقاربهم الإجابة عن مفاهيم محددة فيها، سنعرض في هذا الحديث إلى ثلاثة مفاهيم مهمة: ما الشكل العام لكهربائية القلب؟ ما الكي الكهربائي للقلب؟ ما العلاقة بين القلب والدماغ وتأثير ذلك في كهربائية القلب؟ الشكل العام لكهربائية القلب: لقد أبدع الله سبحانه خلقه في السموات والأرض، وأتقنه إلى حد الإعجاز الرباني، والإعجاز في خلق الإنسان أقل صعوبة من ذلك بكثير، وإن كان كل ذلك هينا لمن أمره بين الكاف والنون. لقد جعل الله للقلب البشري محطتين كهربائتين لتوليد الطاقة: أولاهما توجد في الأذين الأيمن وتحديدا حول مدخل الوريد الأجوف العلوي في ذلك الأذين، وهي مجموعة خلايا عصبية لا يمكن تمييزها بالعين المجردة من باقي القلب، ولكن يمكن تمييزها بنشاطها الكهربائي المتميز، فهي تصدر تيارا كهربائيا ينظم نبضات القلب، وهي التي تسرع القلب عند الغضب والركض، وهي كذلك التي تبطئه عند النوم، وتسمى علميا «العقدة الأذينية الجيبية»، وهي محطة الكهرباء الرئيسة للقلب، ثم إن هناك ثلاث حزم توصيلات عصبية كهربائية «أرضية»، توصل التيار الكهربائي إلى المحطة الاحتياطية، وتسمى»العقدة الأذينية البطينية»، ثم بعد ذلك هناك توصيلات عصبية داخل عضلة القلب، توصل الكهرباء على شكل ألياف عصبية للبطينين، ومن العجيب في خلايا القلب نقطتان تتميز بهما عن غيرهما من خلايا الجسم حتى الدماغ: أولاهما أنها تستطيع أن تنتج كهرباء ذاتية تؤدي إلى الانقباض، وثانيتهما: أن توصل تلك الكهرباء إلى الخلايا المجاورة. ومن إبداعه سبحانه أن جعل هناك عازلا كهربائيا بين الأذينين والبطينين، ولا يسري التيار بينهما إلا خلال الضفيرة، لكي يتم تنظيم التوصيل الكهربائي بين الأذينين والبطينين تبعا لنوعية وطبيعة عملهما.. فسبحانه ما أتقن صنعه. ب: ما سبب عدم انتظام كهرباء القلب؟ ومتى ينصح بالدراسة الكهربائية؟ عدم انتظام نبضات القلب لا يعني عدم صحة ذلك القلب. وقد تحدث كثيرا في القلب الطبيعي، ولكن مهمة طبيب القلب أن يتأكد أنه ليس هناك سبب مرضي خطير لذلك الخفقان، كما أنه ليس كل عدم انتظام في نبضات القلب يجب أن يشعر به المريض، فبعض مشكلات كهرباء القلب «ساكنة» لا تظهر أعراضا نهائيا إلا بمضاعفاتها، مثل الإغماء أو جلطة في الدماغ أو الساقين. كما أنه ليس كل خفقان يجب أن يكون مرضيا، فبعض الخفقان من أسباب مرضية ليست له علاقة بمرض في القلب، مثل الربو ونقص الأكسجين وفقر الدم وتغير الأملاح في الدم، مثل هبوط البوتاسيوم أو الماغنيسيوم أو قصور الكلى أو جلطات الدماغ أو فشل الكبد أو ارتجاع المريء ....إلخ، كما أن هناك أسبابا مرضية تتعلق بالقلب، مثل نقص تروية القلب بسبب تضيق الشرايين، عدم التحكم في الضغط، ضعف العضلة الشديد أو تليف جزء من جدار القلب بسبب جلطة سابقة. دراسة كهرباء القلب: ليس كل حالة خفقان تحتاج إلى قسطرة كهرباء القلب، وإنما هناك دواع علمية معروفة ومتفق عليها، يحول فيها المريض إلى دراسة كهرباء القلب، وربما الكي الكهربائي إذا استدعى ذلك. 1. من كانت لديه أعراض اضطراب العقدة الجيبية مثلا الإغماء ولم يثبت ذلك بدليل سببي واضح يربط نوعية الخفقان بنوعية ذلك المرض تحديدا. 2. من كان لديه انسداد كامل من الدرجة الثالثة في الضفيرة الكهربائية، ولديه جهاز منظم لنبضات القلب، ولكنه ما زال يشتكي من أعراض الإغماء. 3. مريض لديه انسداد جزئي في الضفيرة ويحتاج إلى أدوية قد تزيد من تدهور حالة التوصيل الكهربائي. 4.كيّ مسار كهربائي زائد أو بؤرة كهربائية تسبب عدم الانتظام ولم يتم التحكم بها بالأدوية. 5.من توقف قلبه نهائيا وعولج بالإنعاش القلبي الرئوي، وليس هناك سبب واضح للتوقف غير احتمال اختلال الكهرباء. 1. من لديه ضعف في عضلة القلب وتسارع بطيني متقطع. 2. إذا كان الخفقان بطينيا من بؤرة واحدة، ويسبب كثيرا من الأعراض حتى مع الأدوية والمريض يريد تجربة الكي الكهربائي لتلك البؤرة. 3. الخفقان الذي يسبق نوبة الإغماء. ما العلاقة بين القلب والدماغ وتأثير ذلك في كهربائية القلب؟ العلاقة بين الدماغ والقلب معقدة جدا، ولا يعرف عنها العلم الحديث (إلا قليلا)، ومما نعرف حقائق علمية واضحة وبأدلة، وهي: أولا: تأثر القلب بالجلطة يؤثر في عمل الدماغ كثيرا، فبعض المرضى يصابون بالاكتئاب 25في المئة، حتى إن ضعف القلب فيمن لا يعاني أعراضا نهائيا قد يسبب التوتر والاكتئاب كأعراض جانبية للمرض وليس كردة فعل للمريض، بل إن الأبحاث الطبية وجدت أن نحو 10 في المئة من أمراض القلب تأتي على شكل أمراض نفسية، فمثلا ارتفاع الضغط الشديد قد يسبب تغيرا في الشخصية مؤقتا، وقد رأيت حالات يصل فيها الشخص إلى أعراض تشابه الفصام والشكوك التي تصل إلى حد الهوس بمن حوله. ثانيا: تأثر الدماغ بالجلطة يسبب عدم انتظام في نبضات القلب، وكذلك انقباض العضلة أو فشل القلب. ثالثا: في الظروف الطبيعية وليست المرضية هناك تواصل هرموني وكهربائي مباشر وعالي المستوى وعالي الدقة بين القلب والدماغ. رابعا: أثناء الإجهاد الفكري والتفكير العميق يزداد جهد القلب ونقص التروية فيمن لديهم مشكلات في شرايين القلب. خامسا: يتحكم الدماغ إلى حد ما في نبضات القلب والضغط الشرياني في حالات الغضب والانفعال والراحة والنوم وقبل زيارة الطبيب ...إلخ. سادسا: في الجسم البشري الواحد يستطيع الدماغ أن يتعامل مع قلب آخر متقارب له في أنسجة الجسم المناعية، ولكن لم تنجح زراعة الدماغ حتى تاريخه. الدماغ يتحكم في نبضات القلب عدم انتظام نبضات القلب لا يعني عدم صحة ذلك القلب Your browser does not support the video tag.