حدث عظيم ذلك الذي جعل قضية أحد أبناء الوطن السعودي لعبة بأيدي القوى الإقليمية والدولية، وأروقة الأحزاب المتعارضة المنحرفة السياسة والأهداف، وأزقة الإعلام المأجور العفنة، المتبارية بنفخ البالون، الذي حبسوا فيه جمال خاشقجي، متشوقين لسرعة انفجاره، حتى يجدوا كيان السعودية مخترقاً، يسمح لهم بإشعال شوارعها بالخوف والفوضى، فيفرضوا شروطهم، وعقوباتهم عليها، ويقتسموا الكعكة! تلك خيبة أمنياتهم، فرأينا أحداقهم تتسع، ولعابهم يسيل، بوهمهم، الذي ظنوا أنه يتحقق. المملكة معطيات ثقة ثقيلة بعيدة، وإن طال صمتها إلا أن الرد لا يعجزها، فحاولت في البداية دراسة مجريات القضية بمنطقية ودبلوماسية، والبحث عن أسرار ما حدث، آخذين في الاعتبار الشخص والمكان والزمان والظروف المحيطة والخبايا والمستفيدين كيلا يتم القفز للنتائج بعشوائية. المملكة ثقل عربي إسلامي عالمي تاريخي اقتصادي دبلوماسي عسكري سياسي، وهي تدرك قيمتها، ولا يرعبها عواء الضباع، ولا دورانها بأذنابها المهتزة بحثاً عن جيفة. صمت السعودية عما قيل، وما خطط له، كان ينم عن طبع روح الحليم، الذي متى ما غضب، بعثر أشباح المناوئين، وخيالات المغامرين، وأشباه الرجال. صرخت المملكة بمنطق ملك العزم والحزم، لاستعادة النظام ومنع التطاول ومسح الغباء، وقصقصت براعم الأطماع الشيطانية، وشرحت سياسة الثبات والثقة والموقع والإرادة والقدرة على تحمل المسؤولية. المملكة ليست جزيرة موز، ولا دويلة معزولة لخبثها، وتاريخها في الخيانات. السعودية الجديدة تجدد وإصلاح، وهي صديقة لكل من يمد يده بمصداقية لها، الند بالند، بلا رضوخ، أو انحناء. المملكة إحدى دول العشرين اقتصادياً، وهي الدولة الواهبة الأولى، وحمامة السلام، التي تعالج ما يحدث بين الدول من نزاعات، وهي من تملي ولا يملى عليها. المملكة للأحبة قلب أخضر ورخاء وعطاء، وللأعداء خندق يصعب تعديه، وحصن لا يمكن بلوغ أسواره. قضية شر حدثت، والمملكة أول وأكبر من حزن على ضياع ابن من أبنائها، وأبدت استعدادها للمشاركة مع حكومتي أميركا وتركيا للبحث عن أصل الحقيقة، ولكنها تظل عصية على الرضوخ لكل طامع أو خائن. خاشقجي ابن الوطن السعودي حدثت له كارثة، ولا يوجد سعودي يرتضي باستخدام قضيته بأيدي من يتباكون على قميصه، ويطالبون بدمه، ويلطمون وهم يقطعون شعرته. الحكايات تطول، وأصوات النعيق لن تخمد كلياً، ولكن صوت الزئير الواثق يسود، وهو صوت السعودية الكبرى، القادر على تبديل الشريك الضعيف بشريك أكثر قوة وثقة على صيانة الود، والاحترام، والوجود. دول عربية وإسلامية صرحت بوقفتها القوية مع المملكة، مثل وجداننا البحرين، وعديل روحنا الإمارات بموقفهما السباق المشرف المتوقع، ثم تبعتهما دول عربية وإسلامية شقيقة عديدة. ونحن شعب السعودية بما فينا أسرة خاشقجي، كنا على الموعد، حين بادرنا بالحب والثقة والولاء بمشاعرنا لوطننا مهما تكن نتائج التحقيق أو منعرجات سياساته.. والوطن يعلو دوماً، ولا يعلى عليه. Your browser does not support the video tag.