تدور حركة الدنيا وعجلة الحياة على طلب الرزق الذي تقوم به حياة الناس وشؤونهم. الناس في وظائفهم، والناس في تجارتهم، بل حتى بعض الناس في احتيالهم ورشاهم وسرقاتهم كلهم يطلبون هذا المال، ولكل فلسفته في جمعه وتفريقه أي: في كسبه وإنفاقه. في كتاب «أسواق الذهب» لأمير الشعراء أحمد شوقي، يقول في مقالة «المال»: حالك وحال الناس عجب: تملكهم من المهد، ويقولون أصبنا وملكنا، وترثهم عند اللحد، ويقولون: ورّثنا وتركنا! من عاش قوموه بما ملك، ومن هلك تساءلوا: كم ترك؟ (72). وشوقي بالمناسبة: شعره أعلى بكثير من نثره، ولا غرابة! فقد قال سهل بن هارون: اللسان الجيد والشعر لا يكادان يجتمعان في أحد، وأعسر من ذلك أن تجتمع بلاغة القلم وبلاغة الشعر (البصائر التوحيدي 4/237). نرجع إلى فاتحة كلامنا، فالناس حين يطلبون الرزق يبذلون ما يستطيعون من الأسباب المادية، وهذا بلا شك: الفطرة والعقل والشرع تقرره وتؤكد عليه، قال الله تعالى: (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) روى صخر الغامدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» وكان صخر هذا رجلاً تاجراً، فكان يرسل غلمانه من أول النهار، فكثر ماله حتى كان لا يدري أين يضعه؟ وثم أسباب أخرى جاء الشرع بالتنبيه على أنها من الأسباب التي يفتح الله على الإنسان إذا عمل بها عن إيمان تام وليس عن اختبار لهذا السبب. فمن تلك الأسباب: 1- تقوى الله تعالى، قال سبحانه: (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب). وقال تعالى (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض). 2- التوكل على الله، قال صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً). 3-الصلاة، قال تعالى: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك). 4-التسبيح، قال تعالى: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى). 5-الاستغفار، قال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمدكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا). 6-الصدقة، قال تعالى: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات)، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما نقصت صدقة من مال). 7- الدعاء، قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان). 8- شكر الرب سبحانه، قال تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم). 9- قراءة القرآن، قال تعالى: (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى). وقال عليه الصلاة والسلام: (إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره). 10- صلة الرحم، قال عليه الصلاة والسلام: (من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه). 11- النفقة على الأهل، قال صلى الله عليه وسلم: (من أنفق نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة). مع قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكاً تلفاً). (ينظر الإرشاد/ العبيلان) Your browser does not support the video tag.