امضى عدد من العمال ممن يعملون في مواقع البناء لكأس العالم المقرر إقامته في قطر 2022م عشرة أشهر دون أن يستلموا ريالاً واحداً من رواتبهم، ومصدر المعلومة تقرير صادر هذا الأسبوع من منظمة العفو الدولية غير الحكومية، والرقم مرشح للزيادة بالتأكيد، والضحايا في قطر يتزايدون يوماً بعد آخر، والعالم ما يزال يقف موقف المتفرج تجاه عبث قطر في ملف تنظيم كأس العالم 2022م، ويبقى السؤال العريض، ألم تكن أعداد الموتى في قطر كافية؟، وماذا يريد المسؤولون في "FIFA" خصوصاً ومسؤولو كرة القدم حول العالم بشكل عام من أجل التنبه لما يحدث في الدولة الصغيرة التي ستتحول خلال فترة وجيزة إلى جزيرة تحيط بها المياه من كافة الجهات؟. المتابع لملف تنظيم قطر للمونديال منذ البداية يدرك جيداً حجم الفساد والعبث والمآسي الإنسانية الذي رافقه، إذ لا يكاد أن يمر يوم أو أسبوع دون حدوث كارثة إنسانية، لأن قطر وحكومتها الراعية للإرهاب "تستعبد" آلاف العمال الآسيويين، وتستغل حاجتهم مقابل مبلغ مالي شهري لا يصل الى 200 دولار، ومن فترة لأخرى نسمع عن وفاة عمال آسيويين ممن يعملون هنالك لأسباب مختلفة ومنها أسباب مجهولة، ولعل السبب الأبرز عملهم تحت أشعة الشمس لفترات طويلة رغم حرارة الطقس، فالشركات العاملة في قطر مستمرة في انتهاك القوانين التي تحظر العمل في الهواء الطلق خلال الساعات الأكثر سخونة في الصيف، والغريب أن عدد العمال الذين ماتوا منذ بداية العمل في قطر لا يزال مجهولاً، والاتحاد الدولي لم يحرك ساكناً، وبحسب الأرقام فإن نحو أربعة آلاف عامل معرض لخطر الهلاك في قطر بحلول المباراة الافتتاحية لمونديال 2022، فالأوضاع المعيشية صعبة للغاية، لأن المسؤولين في قطر بمجرد وصول العامل للدوحة يصادرون جواز سفره، ويجمعون أكثر من سبعة عمال في غرفة صغيرة جداً، أما الطعام المقدم لهم فحدث ولا حرج، وهو ما جعل كثيرا من العمال يصرحون لوسائل إعلام عالمية أن ظروفهم المعيشية الأسوأ على الإطلاق، وان حياة الكلاب افضل من حياتهم!. منظمات حقوق الإنسان بُحت اصواتها وهي تنادي المسؤولين بالتدخل ووضع حد للممارسات القطرية، إلا ان الشركات هنالك تمادت، واستمرت في "استعباد" العمال، وباتت تضحي بأرواحهم من أجل إنجاز المنشآت والملاعب، وأدانت منظمات دولية ما يحدث في قطر تجاه العمالة الآسيوية، بإجبارهم على الوقوف تحت درجات حرارة مرتفعة، وحذرت من عواقب ذلك، لكن لا حياة لمن تنادي وكأن القطريين يدركون جيداً بأنهم في أمان، وان هنالك من يحميهم رغم الفضائح التي تطارد ملف تنظيمهم للمونديال، إذ لم تف الحكومة القطرية بوعودها المتكررة بشأن إصلاح اوضاع العمال المعيشية. الفساد يحيط بالملف القطري من كل الجهات، ولا شك في ذلك خصوصاً وأن المسؤولين في "فيفا" خلال الفترة التي فازت فيها قطر بتنظيم المونديال انفضحوا في قضايا فساد بما فيهم الرئيس بلاتر، والأدلة كثيرة بأن فوز قطر بالتنظيم "غير نزيه" لأنها اشترت أصواتا كثيرة من أجل الكسب، بما في ذلك اعترافات بعض المصوتين بتلقي أموال قطرية، ولعل ما ذكره بلاتر بتدخل الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي ما هو إلا نقطة في بحر الفساد الذي رجح كفة قطر، ومن يتجه لمحرك البحث "غوغل" ويكتب عن فساد ملف قطر سيجد آلاف التقارير والأخبار من مصادر عالمية موثوقة تتحدث عن هذا الملف وأسراره وفضائحه منذ اللحظة التي أعلن فيها فوز قطر بالتنظيم عام 2010م. فالانتصار الذي حققه ملف قطر غير معقول ولا يدخل ذهن عاقل، لا سيما وأن أحد منافسيه كان الملف الأميركي، ولا توجد مقارنة بين الجانبين، لا من ناحية مساحة الدولة وتاريخها أو حتى إمكانياتها وقدرتها على استضافة حدث بهذا الحجم، بما في ذلك المناخ والطقس، لكن قطر لعبت على ورقة "الرشاوى"، وهو ما منحها الفوز رغم ضعف ملفها مقارنة بالملف الأميركي الذي فاز بتنظيم مونديال 2026 بفارق أصوات كبير، لأنه دخل منافسة شريفة فاز فيها الأجدر، وسلم فيها من الفساد وأهله. المسؤولون في قطر بددوا أموال المواطنين القطريين، لأن المونديال سيكلفهم في النهاية اكثر من 200 مليار دولار، كأكثر نسخة في التاريخ من ناحية التكاليف المادية، ومعظم هذه المليارات ذهبت في الرشاوى من اجل الفوز بالتنظيم، وهذا الأمر انعكس على علاقة المواطنين بالحكومة كونهم يرون بأنهم اولى بهذه المبالغ، خصوصاً وأن معظم المنشآت التي صرفت فيها المليارات ستبقى مهجورة بعد المونديال، لا سيما في ظل صغر مساحة قطر وقلة عدد سكانها، ولا يزال الكثير من الأوروبيين غير مستوعبين فكرة أن تسند لدولة بهذه المساحة مهمة حدث كبير مثل المونديال، خصوصاً وأن جيرانها قطعوا علاقتهم بها، بسبب رعايتها للإرهاب والإرهابيين. وبمناسبة الحديث عن الإرهاب، كيف لدولة تحتضن منظمات أرهابية وقادة أرهابيين يدعمون الجماعات التنظيمية الإرهابية ويزودونها بالأموال والأسلحة، ويصدرون الفتاوى الدينية بجواز العمليات الانتحارية، كيف لها أن تحتضن ملايين الرياضيين من جماهير ومسؤولين وإعلاميين ولاعبين؟. فيفا يجب أن يكون أكثر شجاعة ويتعامل بصرامة مع الفضائح التي لازمت الملف القطري، العالم يجب أن يتصرف بسرعة، كل واحد مؤمن بأن تنظيم قطر للمونديال قرار خاطئ، وانه بني على فساد ورشاوى، العالم كله يعرف بأن قطر تدعم الإرهاب، رغم ذلك لا أحد يتصرف ويتخذ قرارا شجاعا ينقذ كرة القدم والمونديال المقبل، أعداد الضحايا من العمال اليست كافية؟، الاعترافات وفضائح الفساد حول فوز ملف قطر ألم تستفز المسؤولين لاتخاذ قرار جريء؟. ظروف صعبة يعيشها عمال مونديال 2022 بلاتر يعلن فوز قطر Your browser does not support the video tag.