بعد أن قطعت المملكة العربية السعودية شوطاً كبيراً في مسيرة التحوّل إلى دولة أكثر عصرية، تبرز أهمية مساهمة المرأة في تحقيق "رؤية المملكة العربية السعودية 2030" لتكون من أقوى الاقتصادات في العالم. وقد يغيب عن بال بعضهم أنه عندما تبحث النساء عن عمل فهذا لا يعني بالضرورة أنهن يردن الفرص ذاتها التي يسعى إليها الرجال وإنما الفرص المناسبة لهنّ، والتي توفر بيئة عمل آمنة تراعي الخصوصيات الثقافية، وتفصل الرجال والنساء في مكان العمل من دون أن تؤثر على التنافسية والإنتاجية. فعلى فرصة العمل المناسبة أن توفّق بين ما يريده المجتمع وتوقّعات النساء وأن تدفع مسيرتهنّ المهنية قُدُمَاً. وكشف بحث أجرته "لينكدإن" حول العوائق التي تعيق توظيف النساء أنّ أكثر من ثلث نساء المملكة يشعرن بأنهنّ لا يزلن يُستبعدن في التوظيف رغم التقدم الذي أحرز مؤخراً في المملكة وعملهنّ بجهد للفت أنظار أرباب العمل. ورأت واحدة من بين 3 نساء سعوديات أنّه من المهم أن يفعل أرباب العمل المزيد لمنح النساء مناصب أساسية، فيما شدّد أكثر من الربع على أنّ أرباب العمل السعوديين ما زالوا يفتقرون إلى عمليات ملائمة لمنح النساء الأدوار التي تناسبهنّ في شركاتهم. وتشعر بعض النساء بأنّ الفرص تفوتهنّ لأنّ إمكانياتهنّ لا تقدّر ويعتبرنَ غير مزوّدات بالمهارات اللازمة ولا يلقين دعماً، هؤلاء النساء يردن أن يعترف الآخرون بوجودهنّ وأن يُمنحنَ صوتاً. ويشكّل البحث المرحلة الأولى من حملة لينكدإن "اسمعها مني" التي تدعو النساء في المملكة إلى تمثيل أنفسهنّ بشكل صحيح ليتمّ توظيفهنّ ومنحهنّ أدواراً أساسية في الشركات المحلية، وسيتمّ التعاون في إطار الحملة مع شركات المملكة لتعزيز العمل الذي تقوم به من أجل إدراج النساء في القوة العاملة خاصةً وأنّ البحث أظهر تفاوتاً بين توقعات النساء والشركات الباحثة عن موظفين. وكشف البحث أيضاً أنّ النساء يشعرن بأنّه لا يتمّ بذل مجهود كافٍ لتقديم فرص عمل لهنّ تتماشى مع احتياجاتهنّ مثل توفير ساعات عمل مرنة وأجر متساوٍ. فأكثر من ثلث النساء في السعودية يرين أنّ أصعب ما في العثور على عمل في المملكة هو إيجاد الفرصة المناسبة التي تتناسب مع توقعاتهنّ. في المقابل، يرى أكثر من ثلثي جهات التوظيف أنّ تطبيق سياسات مختلفة لمجاراة احتياجات النساء هو أهمّ عائق يقف أمام توظيف السعوديات، مشدّدين على الثغرة الموجودة بين رغبة النساء في التوظّف وفرص العمل التي يقدمها أرباب العمل وما يتمّ فعله حالياً من أجل جذب المواهب السعودية النسائية. بالتالي، توافق 60 % من جهات التوظيف على تحقيق تقدم ملحوظ في الرؤية السعودية الهادفة إلى رفع نسبة مشاركة النساء في القوة العاملة من 22 - 30 % بحلول العام 2030. وزادت هذه النسبة إلى 69 % عندما سئلت عن ذلك النساء الراغبات في التوظّف، ورأى واحد من بين اثنين من أرباب العمل أن المساواة بين الرجل والمرأة تؤدي إلى إنتاجية أكبر فيما رأى 40 % أنّ المساواة في توظيف الرجال والنساء تعزّز الثقافة المبدعة، ما يشير إلى وجود نية بتوفير مزيد من الفرص للنساء. ويبرز شعور بالإحباط نظراً لأنّ أكثر من نصف النساء في السعودية يرين أنّ أكثر المفاهيم خطأً هو الاعتقاد بأنهن غير مزوّدات بالمهارات اللازمة للانضمام إلى القوة العاملة، فمن الضروري بالنسبة إلى "لينكدإن" أن تمنح فرصة اقتصادية لكل فرد من قوة العمل العالمية وأن نفهم بدورنا ما الذي يحول دون ذلك. ولا بدّ من تغيير من أجل التوصل إلى قوة عاملة ماهرة ومتوازنة، فعلى أرباب العمل في السعودية أن يحرصوا على توفير الفرص المناسبة للنساء والبحث عن المواهب في الأماكن الصحيحة، وبالنسبة إلى النساء الراغبات في الارتقاء بمهنتهنّ، يتعيّن عليهنّ تسهيل العثور عليهنّ من خلال استخدام منصات مثل "لينكدإن" كي يبدأن بتغيير هذه الأفكار المتعلقة بالنساء في القوة العاملة والتي يرفضنها بوضوح، وبهذا يمكن للمملكة أن تزدهر من خلال التوصل إلى قوة عاملة أكثر إنتاجية وإبداعاً. ريم محمد المشرفة على الدراسة Your browser does not support the video tag.