من أبلغ التغريدات التي استوقفتني طويلاً على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر): «كنا يوماً أفغاناً أكثر من الأفغانيين، وفلسطينيين أكثر من الفلسطينيين تحت ذريعة مصطلح الأمة، آن الأوان أن نكون «الأمة السعودية»! أولئك الذين كانوا يعملون جاهدين لتهميش فكرة «الوطنية» أو محاولات إضعافها أمام حلمهم ومخططهم الأممي البائس لأنهم يعلمون أنّ تدني شعور الانتماء وتدني روح الرابطة المعنوية مع الوطن سيُسهّل على البعض الانسياق وراء تلك التنظيمات والتيارات التي تمتلك القدرة على تعبئتهم فكرياً ونفسياً لمصلحة مشروعاتها السياسية وتستهدف أمن الوطن واستقراره ورخاء شعبه وتعادي الوطن وقيادته. تثير مسألة «الهوية» قضية الانتماء والولاء للوطن، فهوية أي مجتمع هي شخصيته وكينونته، الهوية تتطلب الإجابة عن تساؤلات رئيسة: مَنْ أنا؟ ومَنْ نحن؟ ولمن ولاؤنا؟ الإجابة عن هذه التساؤلات هي التي تحدد الشخصية الوطنية للمجتمع، أي تحدد هويته، ومتى ما اختلفت الإجابة عن هذه التساؤلات أو تضاربت، فإن ذلك قد ينذر بإشارة خطر ويثير ما يُعرف بأزمة الهوية من منطلق أن للهوية دوائر متعددة، والانتماء لا يكون إلا إلى تكوين محدد، هذه الأزمة تطرح بدورها الكثير من الآثار السلبية على المجتمع الذي يعاني منها. أزمة الوطنية التي عانى منها المجتمع إبان حرب الأممية عليه وسعي أصحاب الأممية الدؤوب لسلب الانتماء الوطني إبان حياة مشروع الصحوة واختلاقها فرضية الصراع الذي سعى له أرباب جماعة الإسلام السياسي وتحديداً جماعة الإخوان في عدم الاعتراف بالحدود الجغرافية كموطن للدين الإسلامي مما يتوجّب تجاوزها، وفي حقيقة الأمر أن الوطن لم يكن يوماً عائقاً خصوصاً لوطن ولدولة قائمة على الشرع من جهة وفِي المقابل كان أصحاب المشروع الصحوي والمبشرين بالخلافة يسعون بكل ما أوتوا من كذب وضلال وخداع بإيهام الناس أن الدين الإسلامي الذي ينتشر في كل الأرض بسبب أمميته السياسية لا بسبب قيمه الأخلاقية التي تترفّع أن تنزل إلى الأرض لتنطلق من مساحة جغرافية! وفي حين أن الدين والوطن تشكيل واحد لا يمكن أن ينفصلا في الإنسان الطبيعي، فلا إنسان يستطيع العيش من دون وطن، ولا إنسان يستطيع العيش من دون عقيدة مهما كان نوعها، وهذا ما اشتغل عليه دعاة الأممية أو جماعات الإسلام السياسي بمحاولات الفصل بين الدين والوطن فكانوا ينبزون الوطنية بالوثنية والوطن بالوثن. أما اليوم ونحن نشهد ونشاهد الأمة السعودية وهي تحتفي بيوم وطنها الثامن والثمانين ما أثبت أن كل عمل ودعوات الأممية إلى زوال، ولا يبقى إلا الحق والوطن. Your browser does not support the video tag.