تشرفت بتلبية دعوة الشقيقة البحرين والقائمين على المنتدى الخليجي الرابع للإعلام السياسي والذي جاء هذا العام بعنوان: "الإعلام والهوية الخليجية". وحين نفتح باب النقاش حول موضوع الهوية الخليجية فإن من موجبات تحقق هذه الهوية فعلياً وتشكلها، الحديث عن الهوية الوطنية وأزمتها السياسية! أزمة الوطنية أمام الأممية تخلّقت من فرضية الصراع الذي سعى له أرباب جماعات الإسلام السياسي بقيادة الدين الإسلامي إليه وهو عدم الاعتراف بالحدود الجغرافية كموطن للدين مما يتوجّب تجاوزها، ولكن الذي لا يدركه هؤلاء أن الوطن لم يكن يوماً عائقاً، خصوصاً للدين الإسلامي الذي ينتشر في كل الأرض ليس بسبب أمميته السياسية، كما يريدون، بل بسبب قيمه الأخلاقية التي تترفّع أن تنزل إلى الأرض لتنطلق من مساحة جغرافية. الدين والوطن تشكيل واحد لا يمكن أن ينفصلا في الإنسان الطبيعي، فلا إنسان يستطيع العيش من دون وطن، ولا إنسان يستطيع العيش من دون عقيدة مهما كان نوعها، الأزمة في كيفية فهم هذا التقارب والقدرة على تفسيره لمصلحة الفرد وليس لمصلحة إسلام سياسي أو سياسة أيدولوجية..! أزمة الهوية وأهمية وجودها لأجل الحفاظ عليها وحتى لا تذوب أو يستعسر فهم كيف لهذه "الهوية" أن تتشكل من دوائر انتماءات أكبر...؟! إن تحديد نقطة انطلاق فكرية واحدة تتجمع حولها الآراء مهما اختلفت والاتجاهات مهما تباينت، مما يشكل وحدة فكرية بها تستقيم حياة وطن واحد له حدوده التي يتوقف عندها الانتماء لا أن يكون الانتماء عابراً للقارات والحدود. فقبل الحديث والنقاش عن هوية خليجية واحدة علينا تشخيص أزمة الهوية الوطنية وإن كانت تعاني من الازدواجية والانقسامية التي تتعرض لها الوطنية من أعدائها الأمميين من دون إيجاد قدر من الاتفاق على إجابات محددة عن أسئلة موحدة مصيرية تدور حول: ماذا نريد؟ وماذا لا نريد أن نكون عليه؟ وكيف نحققه أو نتغلب عليه؟ ضرورة البحث في موضوع الهوية الوطنية تدني شعور الانتماء وتدني روح الرابطة المعنوية مع الوطن يسهل على البعض الانسياق وراء تيارات تمتلك القدرة على تعبئتهم فكرياً ونفسياً لمصلحة مشاريعها التي تستهدف وتمس أمن الوطن واستقراره ورخاء شعبه. وللحديث بقية..