وسط مشاعر الفرح والبهجة والفخر التي يعيشها السعوديون في مدن ومناطق المملكة المختلفة، أجد ذكرى اليوم الوطني فرصة احتفاء وتواصل بين الأجيال. فإذا كنّا نتطلع إلى المستقبل ونحتفي بجيل الشباب الذين يشكِّلون اليوم الرافد الأكبر من الثروة البشرية، ونرى أنّ من واجبنا تهيئة البيئة لأجيال المستقبل من أجل مواصلة النجاح، فإننا بالقدر نفسه نحتفي بالماضي ونفاخر بالأفذاذ الذين وضعوا اللبنات الأولى لهذا الوطن ورسموا الخطى لمن جاء بعدهم. وفي هذا العام الذي يمثِّل الذكرى ال 88 لليوم الوطني، نشهد أيضًا مرور 80 عامًا على اكتشاف النفط في المملكة من خلال بئر الخير رقم 7 في الظهران، التي كانت نقطة البداية لمسيرة تحولات ناجحة. فأرامكو السعودية تأسست بتوجيه من القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، بعد توحيده المملكة بتسعة شهور. لذلك فإن قصةَ نمو أرامكو السعودية وتوسعها - على صعيد الموظفين وأفراد أسرهم والمجتمعات المحيطة بها ونمو القطاعين العام والخاص اللذين تفاعلت معهما الشركة بتميّز - جاءت متوازية مع قصة نمو المملكة ومشاريع التحديث العملاقة التي عاشتها عبر السنوات، وقد كان لأرامكو شرف الإسهام في عديد من تلك المشاريع، لا سيّما المرتبطة منها بالاقتصاد والصناعة والتعليم والبنية التحتية. ولأن بلادنا تفخر بأجيال الآباء الذين أسسوا وغرسوا، فلا يفوتني هنا أن أعبِّر عن شكر مستحق لأجيال الماضي من رجال ونساء بذلوا كثيرًا لتحقيق الجودة والنمو الذي نعيشه اليوم. وأرامكو السعودية ككيان اقتصادي عالمي كبير ومؤثر، انعكاسٌ لنبض الوطن ومكانته .. هذا الوطن الشامخ بأمجاده .. الأصيل بقيمه .. الطموح بإمكاناته وتطلعاته. وقد منّ الله على الشركة بأن وفقها لأن تواصل تربعها في مكان الريادة بين كبريات الشركات العالمية، وقد كان لتوجيهات ولاة الأمر، قادة المملكة الدور الأكبر في تمكين الشركة من النجاح والازدهار، كما كان للعاملين في الشركة شرف حمل الأمانة وتحقيق الإنجازات عبر الأجيال. وإذا نظرنا إلى واقع أرامكو السعودية اليوم كورشة عمل كبرى ونموذج للتحولات التي تحدث في الوطن، نجد أن أداءها خلال الشهور ال 12 الماضية كان في غاية التميّز، ولله الحمد، حيث نجحت الشركة، بسواعد وعقول فرق العمل من موظفين وموظفات في مواصلة إستراتيجيتها على المدى الطويل لإيجاد الفرص وزيادة القيمة، وحصد نتائج رائدة، وتحقيق تقدُّم مهم في مشاريع النفط الخام والغاز بقطاع التنقيب والإنتاج. كما واصلت تعزيز شبكتها العالمية في قطاع التكرير والكيميائيات والتنمية الصناعية والمحتوى المحلي. وإذا نظرنا إلى أداء السلامة، نجد أن أرامكو السعودية استمرت، ولله الحمد، في تحقيق أعلى المعدلات، ضمن أفضل شركات الطاقة، كما واصلت ريادتها في المحافظة على البيئة والتصدي لتحديات التغير المناخي عبر تخفيض الانبعاثات والاستثمار في تطوير الابتكارات والاختراعات والتقنية، بالإضافة إلى استمرار ريادة الشركة في برامج المواطنة، بما في ذلك ما سيقدِّمه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) خلال احتفالات اليوم الوطني من برامج متميّزة ليكون وجهة حضارية رائدة تستقطب آلاف الضيوف يوميًا، وتسعى لاكتشاف المواهب والعقول، في الموقع نفسه الذي شهد ملحمة اكتشاف ثروة المملكة النفطية قبل 80 عامًا، وغيّر مجرى تاريخها. وبصفتي مواطنًا أولًا، ثم مسؤولًا ضمن أسرة أرامكو السعودية التي جاءت من كافة ربوع الوطن ومن جنسيات مختلفة، فإن ما يشغلني ويشغل زملائي وزميلاتي في كافة الوظائف والمستويات هو بذل الجهد بكل اعتزاز، لكي نبني المستقبل المستدام، المليء بالطاقات وفرص العمل والنجاح والسعادة لأبنائنا وبناتنا شباب الوطن ضمن اقتصاد متنوِّع في إطار رؤية المملكة 2030، التي هي خارطة طريق اقتصادية رائعة، متطلعين للإسهام في أن تكون المملكة، البلد الذي يحلم به كل سعودي، وأن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، وأن تظل راية الوطن عاليةً خفاقةً بالخير والسلام، وهذا هو الهدف الأول الذي تعمل قيادتنا الرشيدة، ليلًا ونهارًا على تحقيقه، ونحن معها قلبًا وقالبًا. وحيث إن ذكرى اليوم الوطني تحفّز مشاعر الوحدة والتلاحم بين الشعب والقيادة، والتواصل والتراحم والامتنان لنعمة هذا الوطن العظيم، فإن مشاعرنا تفيض بالتهاني لمقام والدنا خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، ومقام ولي عهده الأمين، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، وللشعب السعودي الكريم، سائلين المولى عز وجل، أن يبارك في الوطن وأبنائه ويوفقهم لكل خير وسعادة، وأن تواصل أرامكو السعودية نموّها ودورها الرائد كدعامة راسخة للنجاح والازدهار. رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين Your browser does not support the video tag.