لا يخفى على أحد الدور العظيم الذي تلعبه الجامعات في تزويد الطلبة بالمهارات الأساسية وتوسيع مداركهم المعرفية، والمساهمة في تنمية وتطوير المجتمع المحلي والمجتمع ككل من خلال المشاريع البحثية والمساهمات المجتمعية، وكذلك مساهمتها في إنعاش سوق العمل وتلبية متطلباته على المدى القصير والطويل، كما لايخفى على أحد صعوبة الامتثال لهذا الدور في الوضع الحالي لجامعاتنا، كنت ولازلت أطالب باستقلالية الجامعات إدارياً في المقام الأول وماليا بعد ذلك، مع التأكيد على تفعيل دور الوزارة الإشرافي والرقابي على المستوى المالي والإداري، على الرغم من صعوبة تطبيق الاستقلالية التامة في الوضع الراهن، لكن لابد من تهيئة لمثل ذلك في القريب العاجل حتى لا يضيع الوقت بحجة عدم الاستعداد وبحجة انتظار اللحظة المناسبة، لا يمنعنا نقدنا من الإشادة بالمحاولات الحالية لوزارة التعليم في لوائحها الجديدة والتي تمهد لاستقلال الجامعات والتي نتمنى أن ترى النور قريباً على أرض الواقع. الاستقلالية تغذي التنافسية لدى الجامعات حيث تجبرها قوى السوق أن تجد طريقها خلال المنافسة لتغطية تكاليفها وزيادة جاذبيتها للطلبة والباحثين وأعضاء هيئة التدريس، لتهتم بالحوافز المالية والبدلات والرواتب وبالحوافز غير المالية كبيئة العمل والتطور الوظيفي لمنسوبيها، وتهتم بحصول طلبتها على تجربة مميزة ومثمرة، والتي لن تتم إلا بوجود أعضاء هيئة تدريس مؤهلين علمياً وتربوياً وأن يكونوا على قدرٍ عالٍ من المعرفة التخصصية والبحثية، وبمواءمة التخصصات لاحتياجات سوق العمل، وتوفير فرص للتدريب العملي من خلال الشراكات التي تتم بين الجامعة ومختلف الشركات والمؤسسات الأهلية والحكومية في مختلف القطاعات والتخصصات، ولا يقتصر رفع جاذبيتها على هذه الوسائل فحسب، بل تحتاج كذلك لزيادة جاذبية البيئة المحيطة والتي من الممكن تعزيزها من خلال المساهمة في تطوير البيئة المحلية وإنعاشها بمشاريع استثمارية وتجارية ربحية كانت أم غير ربحية. استقلالية الجامعات وخضوعها لشروط المنافسة يعني بالضرورة مزيداً من الاهتمام بمنسوبيها والذي سيؤدي بدوره للرضا الوظيفي فالولاء وبالتالي زيادة الإنتاجية، وقفة للتأمل! مَن مِن منسوبي الجامعات تجدونه يتحدث عن جامعته بزهو وفخر ويدافع عنها بحرص ويخلص في أدائه حتى تتميز؟ أصبح للجامعات صورة نمطية واحدة بسبب أنظمتها ولوائحها الموحدة، فلم تعد تختلف إحداها عن الأخرى إلا في نطاق ضيق لا يكاد يرى نقطة في آخر السطر، قد يبدو الطريق شاقاً طويلاُ، وقد يبدو أن ما أتحدث عنه كمال لا يوجد إلا في مخيلة الحالمين، لكن السعي للكمال كمال في حد ذاته، وبداية مشوار الألف ميل خطوة، ونحن برؤية 2030 ومشاريعها التنموية قد تجاوزنا تلك الخطوة الأولى واقتربنا أكثر وأكثر من حلمنا المنتظر. Your browser does not support the video tag.