«إذاعة قطر وتلفزيون قطر وجزيرة قطر هي التي وقفت مع هذه الثورات، كل الثورات، ثورة تونس وثورة مصر وثورة ليبيا وثورة اليمن وثورة سورية، ثورات الربيع العربي وقفت معها قطر بإذاعتها وتلفزيونها وبمالها وبرجالها، وقد طلبت من أمير قطر حمد بن خليفة ذلك فكان معي في هذه الثورات العربية كلها، بل كان أسبق مني». (يوسف القرضاوي) إصدار فتاوى (خاصة) من أجل أجندة الامتداد السياسي القطرية عندما تلتقي الإيديولوجية بالمال وطموحات السلطة، يغيب المبدأ وتسقط القوانين والأعراف ويبقى وهم السيطرة والزعامة هو المسيطر والمحدد للاختيارات التكتيكية للحالمين بالتمدد على حسابات كيانات سياسية يُفترض أنها تتوفر على سيادة قانونية تمنع أي محاولة للنيل منها. في هذا السياق، يمكن القول إن المنطق الأخلاقي يقطع بكون من أفتى بمشروعية انقلاب الابن على والده، لن يعجزه أن يفتي بضرورة انقلاب وخروج الشعوب على حكامها بدون سند شرعي أو مطلب شعبي، اللهم انضباطا لأجندة قطرية كانت تحلم بمشروع الامتداد السياسي عبر استغلال الانتشار الإخواني في جميع الدول العربية في أفق خلق كيانات سياسية تابعة للدوحة. ولعل من النتائج الكارثة لهذا «الجحيم العربي» (ولا نقول الربيع العربي) خلال سبع سنوات من الفوضى، تدمير شبه كلي للبنية التحتية لخمس دول عربية هي ليبيا واليمن والعراق وسورية وتونس، وتشريد 16 مليون لاجئ، يضاف إليهم 5 ملايين نازح، في حين سقط جراء تلك الفوضى أكثر من مليون و600 ألف بين قتيل وجريح، وكارثة اجتماعية ممثلة في 3 ملايين عاطل عن العمل، وقد قدرت التكاليف المطلوبة لإعادة البنية التحتية المدمرة لحالتها السابقة، ب900 مليون دولار، يضاف إلى كل ذلك خسائر في الناتج المحلي العربي، الذي تجاوز سقف مليارات الدولارات. هذه النتائج الكارثية التي ضربت الدول العربية، كان القرضاوي على رأس المخططين لها، ولا شك أنه يتحمل دماء كل أولئك الأبرياء، وهو المسؤول عن تشريد أولئك الملايين من المواطنين العرب. لقد اعتُبر القرضاوي، بحق، عراب الموت والدمار بدعم من قادة قطر وأجهزتها الإعلامية ومالها ورجالها، كونهم هم مَنْ حرض وهيأ القنوات التي ستجري فيها أنهار من الدماء العربية البريئة والتي لا ذنب لها إلا أنها كانت ضحية مخططات ميثاق حمد/القرضاوي. (فتاوى الدم): تشريد 16 مليون عربي.. خمسة ملايين نازح.. ومليون و600 ألف بين قتيل وجريح لقد التقى الطموح الإخواني، المفتقر إلى الأدوات والوسائل في أبعادها الاستراتيجية، مع الحلم القطري الذي يمتلك الأدوات والوسائل ويفتقد للإيديولوجية والبناء الفقهي والسياسي لإخضاع العالم العربي لحكام الدوحة والتي تحلم أن تكون العراب السياسي للعالم السني. القرضاوي (عراب الموت والدمار) بشرعنة التوجهات القطرية الفاسدة والذي تجدر الإشارة إليه، أن فكر الانقلاب، رغم حضوره بقوة في الأدبيات الإخوانية، إلا أنه لم يسجل بتلك الحدة في أدبيات يوسف القرضاوي، إلا بعد ارتمائه في أحضان المشروع السياسي للنظام القطري، حين أوحى له خياله المريض أنه يمكن أن يصبح «الولي الفقيه» لإمبراطورية الوهم، بعدما أغراه حمد بن خليفة آل ثاني بسهولة اختراق الانظمة العربية والإسلامية والتي لا تملك، حسب زعمه ووهمه، سندا شعبيا في الغرب، وذات بيئة قبلية هجينة ومفككة في الشرق، وباستطاعة المال والإعلام والفتاوى السياسية المغلفة بالدين أن تسقط هذه الأنظمة بين عشية وضحاها. (الشيخ المارق) فصَّل دينه على مقاس الأطماع السياسية للدوحة انطلاقا من هذا المخطط الخبيث، لا نستغرب أن يُفتي القرضاوي باغتيال القذافي الذي أغدق عليه المال والحماية، وبعد أن كان يمدحه ويصفه بالأخ صاحب التحليلات العميقة، وبقي على وفاق تام معه إلى غاية سنة 2010، لينقلب عليه سنة بعد ذلك ويعود ليطلب من شعب ليبيا الخروج عليه لقتله، ويحرم على جيشه السمع والطاعة له، قائلاً في فتوى تَرْشَحُ بالدماء: «أنا أفتي للضباط والجنود الذين يستطيعون أن يقتلوا القذافي.. الذي يستطيع منهم أن يطلق رصاصة عليه ويريح البلاد والعباد منه فليفعل.. ومن يتمكن من ضربه بالنار فليفعل ليريح الناس والأمة من شر هذا الرجل المجنون». ولم تقف هجمات القرضاوي على القذافي عند هذا الحد، بل هبط به مستوى الهجوم إلى مستويات لا تليق بالعامة بله شخص يدعي العلم والإسلام، حيث خرج القرضاوي ليصفه بالحمار الأرعن الذي يستبيح أعراض النساء في ليبيا.. واصفا القذافي أنه مثل النمرود الذي قال للناس أنا ربكم الأعلى. هذا كان موقف القرضاوي من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بعد أن كان دائما على رأس المدعوين الذين دأبوا على حضور الحفلات في السفارة الليبية بقطر، ويقوم بتقطيع الكعكة بالسيف احتفالا بالثورة الليبية، ويجادل بعض المتطرفين في تكفيرهم للحكام العرب كونهم ولاة الأمر ولا يجوز الخروج عليهم. بعد أن كان يمتدح القذافي وبشار الأسد انقلب عليهما من أجل أحلام (إمبراطورية الوهم) إننا نرى أن الاختلاف في التوجهات السياسية أو الدينية لا تعطي الحق لأي كان، دولة أو أشخاصا، بالتحريض على قتل رموز الدول وقادتها، فما بالكم ب»شيخ» فصَّل دينه على مقاس الأطماع السياسية للدوحة، وأصبح يُهيج على قتل كل رئيس أو زعيم لم يرضخ بالضرورة لأجندة النظام القطري في المنطقة، والذي يبدو أنه لن يسلم، هو الآخر، من المؤامرات الإخوانية إذا ما استمر في الرهان على هذا التنظيم الباطني الخبيث. إن رصد الظاهرة الانقلابية ليوسف القرضاوي لن تقف عند تأليب الجيش والشعب على الخروج على معمر القذافي، بل استمر في توجيه الشعب السوري للانقلاب على بشار الأسد بعدما كان من أشد المناصرين له. "أكاديمية التغيير" إحدى تمظهرات ميثاق "حمد-القرضاوي"، لتدريب الشباب العربي على إسقاط الأنظمة والشاهد هنا أننا لا ندافع عن بشار الأسد وما فعله في حق الشعب السوري، وإنما نقول إن من كان يطبل ويمجد لبشار بالأمس، لا يحق له، أخلاقيا، أن يهاجم نفس الشخص ليسا بناء على قناعة دينية، وإنما انضباطا لطرح سياسي خبيث يريد وضع يده على العالم العربي والإسلامي من خلال خلق حالة من التوحش، ومحاولة إدارتها في أفق خلق كيانات كرتونية تابعة للنظام القطري. الرؤية الإخوانية في حلتها القَطرية تبنت (مخططات التغيير) عبر كل الوسائل رغم عدم مشروعيتها لقد كان «الداعية الشهير» أول المنتقدين للرئيس السوري بشار الأسد، ودعى الشعب للخروج عليه، متهما بشار الأسد بالكذب قائلا: «لا يزال السوري يكذب بعد قتله شعبه، وماذا يريد حزب البعث؟ هذا خلاص انتهى منذ زمان ولا مكان له في الثورات الشبابية اليوم..». وقال في خطبة أخرى «من كان حر الضمير يأبى أن يكون عبدا إلا لله، من لم يبع نفسه ببعض المال وبعض الأشياء، أدعو هؤلاء جميعا الانضمام للجيش الحر، حتى يحرروا أمتهم، حتى يحرروا هذه الأرض المسلوبة.. سورية مسلوبة الإرادة، مسلوبة الحرية، مسلوبة الكرامة.. يا بشار الأسد ثق بأن الله لن يتركك، لن ترحل لابد أن تحاكم.. عن قريب سنرى ذلك». غير أن نفس هذا «الشيخ» هو نفسه الذي كان يمتدح بشار الأسد ويصبغ عليه أجمل الصفات، حيث قال معلقا على إحدى زياراته لسورية سنة 2009: «زيارتنا لسورية طبيعية لنتحدث مع الرئيس بشار الأسد على قضية غزة ونرى ما يجب أن يفعله قادة الأمة، فتحية إلى الشعب السوري وتحيتنا إلى القائد بشار الأسد وإلى الحكومة وإلى الجميع». كما علق القرضاوي على لقائه ببشار الأسد سنة 2004 بالقول: «التقينا الرئيس بشار الأسد الذى قابلنا بصدر رحب وقلب مفتوح وعقلا متفتحا وبحثنا معه قضايا الأمة وجلسنا معه ما يقرب من ساعتي وكأننا نتحدث كأسرة». ويضيف في نفس اللقاء الذي نقله التلفزيون السوري: «أود أن أحيي دمشق وأحيي سورية وأهل سورية رئيسا وحكومة وشعبا وأسال الله أن يثبت سورية فقد وقفت مواقف طيبة في مجلس الأمن وفي حرب العراق وأشياء كثيرة، كما أنها وقفت أمام التدخل الأميركي الذى يريد أن يفرض إرادته على الأمة ويغير هوايتها ويغير منظومة»، مضيفا أن «سورية هي التي وقفت لأميركا وقالت «لا» لذلك قننوا لها القوانين من أجل عقوبتها ولكن إن شاء الله ستظل سورية مرفوعة الرأس قوية الأساس». (فقه الانقلاب) عند القرضاوي نتج عنه إغراق العالم العربي في أنهار من الدماء والحروب الطائفية والأهلية هكذا إذا لا يجد القرضاوي حرجا في الانتقال بين المواقف وتغيير المواقع بما يخدم الطرح السياسي البعيد كل البعد عن نبل الرسالة الدينية التي يجب أن ينضبط لها كل من يزعم أنه ينتمي إلى زمرة الدعاة وعلماء الدين. في سياق آخر، عملت قطر، بإشراف مباشر من القرضاوي، على مأسسة عقيدة الانقلاب من خلال تأسيس أكاديمية أطلق عليه اسم «أكاديمية التغيير»، وهي إحدى تمظهرات ميثاق «حمد-القرضاوي»، لتدريب الشباب العربي على إسقاط الأنظمة وزعزعة الأمن في دول الخليج وسورية وتونس وليبيا، في أفق المرور إلى باقي الدول العربية والإسلامية في طموح قطري-إخواني «بلا حدود». وليس غريباً أن نجد أن مدير الأكاديمية هشام المرسي ليس إلا صهر يوسف القرضاوي الذي تجرع منه عقيدة الفتن وفقه الانقلابات، والذي علق على عمل الأكاديمية بالقول: «إن نجاح تجربتنا (يقصد تجربة الربيع العربي) بقدر ما هو مرتبط بما نملكه من الأفكار والحيل والمعلومات والاستراتيجيات، بقدر ما نعرف نصل إلى الأمان وإلى ما نصبو إليه». زلة لسان هشام مرسي تكشف عن حقيقة المشروع الإخواني الخطير من خلال فكرة الانتشار الجماهيري لتهييئ قاعدة مادية يمكن توجيهها وفق تكتيكات اللعبة الديمقراطية والتي ستفرز أغلبية ذات ولاءات إخوانية واضحة. وفي حالة ما إذا فشلت الآلية الديمقراطية أو تم التصدي لها من طرف الأنظمة الحاكمة، يتم المرور إلى المخطط -ب-، وهو التمرد على السلطة الحاكمة من خلال قيادة عصيان مدني ينتهي بإسقاط الأنظمة الحاكمة وتنصيب حكومات خاضعة للأطروحة الإخوانية. هذه الأطروحة، تقترب إلى حد التطابق من الأطروحة السياسية لأبي الأعلى المودودي، والذي طرح نظرية «الديمقراطية الإلهية» على اعتبار «أننا نعيش في مجتمعات جل عناصرها مسلمون، سبق لهم أن تشرّبوا تعاليم الدين الحنيف وتشبّعوا بقيمه وبالتالي فإن الديمقراطية لن تكون إلا تعبيرا خالصا للأغلبية الساحقة التي تٌقرّ وتصبو إلى بناء دولة ذات هوية ومرجعية إسلامية واضحة». (فقرة من كتاب نظرية الإسلام السياسية للمودودي). وفي نفس سياق البناءات الاستراتيجية للأكاديمية، يضيف مدير المؤسسة وصهر القرضاوي، في نبرة لا تخلو من خبث وإرهاب، وفي زلة لسان أخرى لم يعِ إسقاطاتها وتبعاتها، فيقول: «كيف يمكن ل 2 مليون أن يواجهوا 40 مليونا إذا رغب هؤلاء في السير بالمجتمع بشكل من الأشكال؟؟؟». ويضيف في موقع آخر «أنا لست مع السلمية ولا ضد السلمية ولست مع العنف ولا ضد العنف، عندي هدف لازم أَوْصَلُّوا ولأصل إلى هذا الهدف يجب أن أتحكم في الأدوات التي أمتلكها». وهنا تبدو الأهداف واضحة وتكتيكات التحرك معلنة ولا تحتاج إلى تأويل حين يقول هشام المرسي: «يجب تقوية الشعوب لإخضاع السلطة التنفيذية للإرادة الشعبية». هذه الاستراتيجية تستلزم تأسيس سبع كيانات (لم يُعلِن عنها) على مستوى كل وطن من أجل إنجاح مخططات التغيير وفق ما تقتضيه الرؤية الإخوانية في حلتها القَطرية الجديدة. وفي سياق شرح صهر القرضاوي ومدير «أكاديمية التخريب» لتكتيك «العنف واللا عنف»، لا يُخفي إعجابه بالتجربة الانقلابية الحوثية عندما يصرح بالقول «تجربة اليمن تجربة جميلة جدا حيث الحوثيين مثلا يزاوجون بين «العنف واللا عنف»، يلعبوا شوية سياسة وشوية عنف ويعرفوا كيف يُلاعبون المجتمع السياسي في اليمن». إجمالا يمكن القول، إن فقه الانقلاب عند القرضاوي كان من نتائجه إغراق العالم العربي في أنهار من الدماء والحروب الطائفية والأهلية جراء عدم الإلمام بمحددات البيئات الاستراتيجية على مستوى كل دولة على حدة. وهنا يعترف صهر القرضاوي ومدير الأكاديمية بهذه المسؤولية ويُقرّ بأنهم «أخطؤوا في تطبيق تكتيكات التغيير». لقد تمّلك قطر حلم تحقيق توازن للقوى في المنطقة مع السعودية وإيران وتركيا، عن طريق محاولة التمدد الأيديولوجي والمذهبي، وذلك بالاعتماد على المرجعية الدينية التي وجدتها في القرضاوي على غرار مرشد الثورة والملالي في ايران، ثم خلق ميليشيات عسكرية من الجماعات المسلحة المؤدلجة في الداخل العربي، وعلى رأسها الإخوان، وهو المعادل السني لحزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، وأنصار الحوثي في اليمن. من هنا يتبين، إذاً، إلى أي حد شكلت العقيدة الانقلابية لشيخ الفتنة القرضاوي محاولات جادة لزعزعة استقرار الأنظمة العربية، الشيء الذي يُفسّر ويُشرعن الإجراءات السيادية التي اتخذتها الدول الأربعة تجاه قطر، ويُبرر تصنيفها جماعة الإخوان المسلمين في خانة «التنظيمات الإرهابية»، حماية لسيادتها ولمنظومة أمنها القومي. قناة الجزيرة البوق الإعلامي للقرضاوي وجماعته القرضاوي أيام الوفاق مع الأسد القرضاوي كان يمتدح القذافي ثم أفتى بقتله شعار اكاديمية التغيير الإخوانية مفرزة الإرهاب في قطر هشام المرسي صهر القرضاوي ومدير اكاديمية التغيير الإخوانية في الدوحة Your browser does not support the video tag.