أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ د . صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه وقال في خطبة الجمعة في المسجد الحرام: حجاج بيت الله الحرام ها أنتم فرغتم من أعمال حجكم ، وأديتم مناسككم ، تقبل الله منا ومنكم ، وجعل حجكم مقبولاً ، وذنبكم مغفوراً ، وسعيكم مشكورا ، وأعادكم إلى بلادكم و أهليكم سالمين غانمين ، وفي رعاية الله محفوظين ، وأصلح بالكم ، وأحسن منقلبكم ومثواكم. ولعلكم وقد تقلبتم وتنقلتم في هذه العرصات المقدسة والمشاعر المعظمة ، واجتهدتم في أعمالكم وعباداتكم ، ترجون من ربكم المغفرة والقبول ، وان أهم ما يجب أن ينظر فيه المسلم ويتفكر فيه هو تحقيق التقوى ، ولا يكون ذلك إلا بالنظر في أعمال القلوب ، وهي الأصل وهي الغاية ، وأعمال الجوارح تابعة لها ، أعمال القلوب من أعظم أصول الإيمان ، وقواعده العظام من محبة لله ومحبة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإخلاص الدين لله والتوكل عليه والصبر على حكمه والخوف منه والرجاء فيما عنده ، وإذا كان ذلك كذلك فإن أهم أعمال القلوب ولبَّها ومدارَها على الإخلاص ، وقد كان من تلبية نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم " اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمع فالإخلاص هو حقيقة الدين ، وهو مضمون دعوة الرسل أجمع والإخلاص مأخوذ من الخلوص وهو الصفاء ومأخوذ من التخلص وهو التصفية والتنقية وحقيقة الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة خالصة مخلصة . ومن علامات الإخلاص السر والكتمان فلا يحب المخلص أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله ، كما أنه لا يبالي لو خرج كل قدر له من قلوب الناس . وقد قالوا : "المخلص لا رياء له والصادق لا إعجاب له " وقالوا : " لا يتم الإخلاص إلا بالصدق والصدق لا يتم إلا بالإخلاص ولا يتمان كلاهما إلا بالصبر " ، والإخلاص سبب لعظم الجزاء والثواب حتى مع قلة العمل وصغره . فالتكفير ومحو الذنوب والغفران لا يكون إلا بما يتقبل الله من الأعمال ، وإنما يتقبل الله من المتقين . وأضاف ومما يعين على الإخلاص ويثبته مشاهدة منة الله وفضله وتوفيقه ، وأن كل ما يأتي به العبد فهو بالله وعونه لا بنفسه ولا بجهده ، وأنه بمشيئة الله لا بمشيئته فكل خير فيه العبد فهو مجرد فضل الله ومنته وإحسانه ونعمته ، وهو سبحانه المحمود وعليه ، وبهذا يعرف العبد مقام ربه ويعرف ضعف نفسه . ومن معينات الإخلاص تحقيق التوحيد وصدق التعلق بالله وحسن عبادته والإكثار من عبادات السحر، من قيام الليل والأوراد وصدقات السر والعبادة في الخلوات والإلحاح بالدعاء والمجاهدة في ذلك كله ومصاحبة الأخيار الصالحين الناصحين المخلصين . وأكد ان من لطف الله ومنته أن جعل أعمال العبد المعتادة وعاداته تنقلب إلى عبادة يثاب عليها إذا صحت نيته ، وخلص قصده من : الأكل ، والنوم ، والسفر ، والسمر ، والبيع ، والشراء وغيرها ، كلها يثاب عليها العبد مع النية الصالحة وقصد التقرب بها إلى الله ونفع عباده ، والتقوي بها على عبادة الله ، وتحقيق مراضيه سبحانه. Your browser does not support the video tag.