إن أهم مرحلة في حياة الإنسان لا تتمثل في مرحلة الدراسات الجامعية، بل تتمثل في مرحلة الطفولة المبكرة.. الفرص التعليمية التي يحظى بها الطفل في مجتمعنا فرص روتينية تقتصر على بحث الأهالي لمدارس جيدة "إنترناشونال"، لتؤهلهم لإكمال دراستهم، ثم ينسون ما هو أهم من ذلك!، بما في ذلك المهارات الاجتماعية التي تعد المحور الأساسي لتكوين شخصية الطفل، المرحلة التي تحدد إنتاجهم الفكري ونجاحهم ودورهم الاجتماعي والمهني مستقبلاً. إن ما نزرعه في أطفالنا أسهل في هذه المرحلة وأنجح من تقويمهم في المرحلة الجامعية أو ما بعدها، ولا ننسى المثل القائل "العلم في الصغر كالنقش على الحجر"، والعلم يحتوي بمفهومه التربية والأدب والأخلاق قبل المدرسة. ما يتوجب على الآباء والأمهات أن يكرسوا جل اهتمامهم بأبنائهم خلال هذه الفترة، ويقدموا لهم الإمكانات كافة لإعداد شخصية إنسانية مسالمة وقيادية وبناءة ناضجة خالية من العقد النفسية، فإن عاش الطفل في طقس من الرضا والثقة بالنفس تعلم أن يرضى بذاته، وتعلم القناعة، وتأهل لمواجهة مستقبله وتطوير مجتمعه بدلاً من تدميره. تطوير الطفل ذاتياً واجتماعياً يبدأ من اليوم الأول للولادة، حضن الأم واهتمام الأب له يعطيانه التعلق والأمان، تليها عملية الرضاعة كأول تعزيز لثقة الطفل بنفسه، ثم مرحلة إشباع احتياجاته العاطفية حتى يشعر بالثقة بالنفس، تليها مرحلة دوافع الفضول والاستكشاف، حيث يجب استغلال هذه المرحلة وعدم إهمالها حتى لا تصبح مرحلة خطرة يصعب معالجتها فيما بعد، فعندما يسأل الطفل سؤالاً بسيطاً أو بديهياً فيجب أن يحرص الوالدان على إعطائه الإجابة الصحيحة، وعدم إحراجه لكثرة أسئلته، وعدم الاعتماد على أشخاص آخرين لاعطائه المعلومة. فالبيئة التي ينشأ فيها يجب أن تكون بيئة محفزة معطاءة قادرة على تحمل مسؤولية التربية الصحيحة. وما نراه اليوم للأسف لأهم مرحلة في حياة الإنسان هو الاعتماد الكلي على الألعاب الإلكترونية وأدوات التواصل الاجتماعي، ومربيات بثقافات مختلفة، فينشأ الطفل طفلاً غير اجتماعي، لا يتعلم الحوار، ولا العطاء، ولا الثقة بالنفس، لديه مشكلات نفسية، وكراهية للآخرين، لا نعلم ما يدور في مخيلته من أفكار سوية أو غير ذلك. وكما قال غاندي: "إذا أردنا أن نحقق السلام فعلينا أن نبدأ بتعليم الأطفال". Your browser does not support the video tag.