باتت تربية الأطفال تؤرق معظم الأسر، باعتبارها من أكثر الأمور تعقيدًا، كما تشغل بال المجتمع بأكمله كون الطفل يمثل اللبنة الأولى فيه، فإن تمت تربيته وفق منهج علمي مدروس كان نتاج ذلك مجتمعًا واعيًا ومدركًا لماضيه معايشًا لحاضره ومتطلعًا لمستقبله بوعي وبصيرة نافذة. وبناء على ذلك وضع الخبراء والاختصاصيون عددًا من الأسس العلمية التربوية السليمة التي تقوم عليها تربية الأطفال وكيف السبيل إلى معرفة قدراتهم وتنميتها وما هي أهم مظاهر فقدان الأطفال لثقتهم وأين يكمن دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في تربية الأطفال. تقول الأخصائية الاجتماعية من جامعة الملك عبدالعزيز داليا الغامدي: إن الأساليب المثلى في التعامل مع الطفل أراها في الصدق وإعطائه صورة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وجعله المثال والقدوة الحسنة في التعامل، كذلك بأن يكون الأبوين قدوة حسنة لأبنائهم مع إعطاء الطفل فرصة لإتقان عمله وتزويده بالمعلومات الصحيحة والإجابة على كل أسئلته مهما كانت محرجة، لأن الطفل يفقد ثقته بنفسه في حال عدم اهتمام الوالدين به وعدم تشجيعه وشتمه وتوبيخه وزجره دائما وعندما يرى في والديه كل الأمور السيئة من عراك وانفعال ووعود كاذبة ومعاقبته لأتفه الأسباب. وأضافت أن للأسرة والمدرسة دورًا كبيرًا في خلق أجيال واثقة من نفسها قادرة على العطاء، حيث إن للثقة بالنفس أثرًا عجيبًا في حياة الأطفال إذ أن الأطفال الذين يثقون بأنفسهم يجذبون انتباه الناس بنسبة كبيرة ويتقدمون في دراستهم بصورة سريعة، ويبدو أن النجاح يأتي إليهم بشكل طبيعي. وتشير البحوث العلمية إلى أن مبادئ ومهارات تنمية الثقة بالنفس يمكن أن يتعلمها جميع الأطفال ويطبقونها بسهولة. فثقة الأطفال بأنفسهم مهمة لتمكينهم من تعزيز احترامهم لذاتهم وبناء مفهوم إيجابي لديهم سواء كان في البيت أو المدرسة. وذكرت الغامدي أن بعض الأساليب المثلى في التعامل مع الطفل لتنمية ثقته بنفسه يمكن أن نلمسها عبر تنمية إحساس الطفل بالاستقلالية وتشجيعه على ذلك منذ الصغر، وكذلك الحوار والتواصل الفعال والاستماع للأبناء والتلاميذ يساعد الطفل على التعبير عن مشاعره وإحساساته ومشكلاته. وترى التربوية في وزارة التربية والتعليم سعاد النزاوي أن شخصية الانسان تتضح معالمها خلال السنوات السبع الأولى في حياته وهي السنوات التي تغرس فيها في نفس الطفل كل المبادئ والقيم التي سيكون عليها طوال حياته غالبا، فهذه هي السنوات الذهبية في حياة الإنسان التي يستطيع من خلالها الأبوان والمربون على حد سواء تكوين الشخصية السوية الواثقة الناجحة في حياتها. ولذلك أساليب وخطوات منها التشجيع والثناء والإيحاء الإيجابي والاعتماد وعلى النفس الاستقلال إضافة إلى حرية التعبير والثقة بالنفس وتعويد الطفل على التمييز بين الخطأ والصواب. وتشير النزاوي إلى أن الدلال الزائد للطفل وعدم إعطائه الفرصة لحل مشاكله بنفسه تؤدي إلى خلق طفل مهزوز غير واثق من نفسه معتمد على الغير في إنجاز أعماله، كذلك اختلاف الوالدين في التربية على أسلوب موحد في التعامل مع الأطفال وتحديد أولويات الخطأ والصواب لديهم يؤدي حتمًا إلى ارتباك سلوك الأطفال وعدم قدرتهم على التمييز وبالتالي فقد الثقة في أنفسهم.