انهارت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي بنسبة 34.5 % في 6 أغسطس 2018م مقارنة بقيمته في 7 أغسطس من العام الماضي لتصل إلى 44.1 ألف ريال إيراني مقابل الدولار الواحد، وهذا هو سعر الصرف الرسمي، أما أسعار الصرف الحقيقية المتعامل بها في السوق السوداء فيقدر بنحو 95.5 ألف ريال إيراني لكل دولار. ووفقاً للتحليل الأسبوعي الذي أعدته «الرياض» فقد انخفضت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي خلال الخمس سنوات الماضية بنسبة 78.0 % ليفقد الريال الإيراني نحو 43.8 % من قوته الشرائية. ومنذ أغسطس 2010 وحتى الآن انخفضت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي بنسبة 324.9 % ليفقد الريال الإيراني نحو 76.5 % من قوته الشرائية خلال تلك الفترة. وتجدر الإشارة إلى أن قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار الأميركي كانت عند نحو 1200 ريال للدولار الواحد في العام 1990، وانخفضت قيمته إلى نحو 4780 ريالاً في العام 1998، ثم إلى نحو 8630 ريالاً لكل دولار في العام 2000 بعد الأزمة الآسيوية وانكشاف الاقتصاد الإيراني للانخفاضات الحادة في أسعار النفط في ذلك الوقت. والآن تقترب قيمته من 50 ألف ريال لكل دولار، وهذا يعني أن أكبر فئاتها الورقية من قيمة 500 ألف ريال ستساوي نحو 10 دولارات فقط. أي أن العملات الإيرانية المعدنية ستختفي حتماً من التداول لأن قيمتها كمعدن أعلى من قيمتها كعملة، وأن العملات الورقية من فئة 10 و20 وربما 50 ألف ريال إيراني ستتحول إلى عملات معدنية. والشعب الإيراني هو المتضرر من تدهور قيمة العملة، أما النظام الإيراني فهو المستفيد الأكبر من هذا التدهور الحاد في قيمة العملة، فالنظام يبيع النفط بالعملة الأجنبية ويقوم بتحويلها للعملة المحلية بأسعار صرف أقل في ظل تدهور قيمتها، وينعكس ذلك على ارتفاع معدل التضخم الذي يدفع تكاليفه الشعب الإيراني، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل التضخم في إيران إلى نحو 12.1 % خلال العام 2018. ومعنى ذلك أن الشعب الإيراني هو الممول الرئيس لممارسات النظام الإيراني غير المسؤولة لا سيما خارج حدوده. وهذا ما يفسر الاضطرابات والتذمر الشديد لدى معظم فئات الشعب الإيراني جرّاء ممارسات نظام الملالي خلال الأربعة عقود الماضية التي لم يجنِ منها الشعب سوى وعود وهمية وتدهور حاد في معيشته اليومية وأوضاعه الاقتصادية. وتتزايد المخاطر التي يتعرض لها الشعب الإيراني جراء الانهيار الاقتصاد وبدء العد التنازل للشلل التام في معظم قطاعاته، ولن تستطيع أي دولة أو مجموعة من الدول إنقاذ الاقتصاد الإيراني أو حتى التخفيف من حدة الانهيار لا سيما أن تعداد سكان دولة إيران يصل إلى نحو 82 مليون نسمة. وقد زادت حدة تدهور العملة في الثامن من شهر مايو الماضي حين قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وأعلنت الحكومة الأميركية فرض عقوبات اقتصادية على النظام الإيراني في شكل حزمتين، الأولى دخلت حيز التنفيذ في 6 أغسطس الجاري، وتشمل هذه الحزمة مجموعة من العقوبات أهمها حظر بيع الدولار لإيران، وحظر التعامل بالسندات الإيرانية، وحظر التعاملات الكبيرة بالريال الإيراني، وفرض قيود على شراء الذهب والمعادن، وحظر شراء الصلب والألمونيوم، والقيود على تجارة السجاد والمواد الغذائية الإيرانية، وفرض عقوبات على صناعة السيارات، وسحب تراخيص التصدير إلى إيران من شركات الطيران المدني بما فيها شركتا بوينق وإيرباص. أما الحزمة الثانية من العقوبات فتدخل حيز التنفيذ في شهر نوفمبر المقبل، وتشمل حظر التحويلات المالية بين المؤسسات الأجنبية وبين البنك المركزي الإيراني، وعقوبات على قطاع التأمين، وعقوبات ضد الموانئ الإيرانية تشمل عقوبات على شركات صناعة السفن، وعقوبات ضد القطاع النفطي. وفي محاولة يائسة، قررت الحكومة الإيرانية عشية تنفيذ العقوبات تحرير استيراد الذهب الخام ورفع الرسوم المالية عليه، ورفع حضر بيع وشراء الدولار والعملات الأجنبية والسماح بإدخالها للبلاد. وهذه الإجراءات لن تغير من حقيقة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في شيء، وليست المرة الأولى التي تحاول فيها الحكومة الإيرانية وقف تدهور قيمة عملتها، فقد سبق للحكومة الإيرانية سبتمبر 2012 بفتح مركز لصرف العملات تحت إشراف البنك المركزي لتوفير الدولار لمستوردي بعض السلع الأساسية، لكن ذلك لم يوقف تدهور العملة، كما قامت الحكومة الإيرانية بإغلاق أكثر من 750 حساباً لبعض المتعاملين في سوق الصرف واعتقلت 90 منهم بتهمة التلاعب بأسعار الصرف وأجبرت محلات الصرافة على فتح أبوابه بعد الانهيارات الحادة التي شهدتها قيمة الريال الإيراني في الأيام الأولى من شهر فبراير 2018، إلا أن كل هذه الإجراءات وغيرها كثير لم يوقف استمرار تدهور قيمة العملة الإيرانية. ولم يشهد الريال الإيراني فترة استقرار مقبولة نسبياً سوى العام 2015 التي تم فيها الاتفاق النووي مع الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبية. العملة الورقية الايرانية من قيمة 500 ألف ريال تساوي 10 دولارات Your browser does not support the video tag.