قرأت من خلال وسائل الإعلام المختلفة عن الاستراتيجية الطموحة لأرامكو السعودية بأن تكون أكبر شركة في العالم، وهذا يُسعد المجتمع السعودي ويعود بالنفع والفائدة على الاقتصاد السعودي. كل فرد من أفراد المجتمع السعودي يفخر بهاتين الشركتين لما لهما من إسهام عظيم في التنمية عموماً والاقتصاد خصوصاً، بل هما يمثلان الجزء الأكبر من الاقتصاد السعودي من حيث الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي وكذلك توظيف المواطنين. هناك من يرى أن هذا الاستحواذ سيزيد من فرص نجاح أرامكو في مجال البتروكيميائيات بعد فشل تجربتها في شركة «بترورابغ»، خاصة أنه من المتوقع أن يشهد قطاع البتروكيميائيات نمواً سنوياً بمقدار 3 % على مدى العقود الثلاثة المقبلة، ولكن استراتيجية التوسع والنمو لا ينبغي أن تكون من خلال الاستحواذ على شركات وطنية، بل من خلال الاستحواذ على شركات عالمية غير سعودية لكي تضيف إلى قوة أرامكو قوة، وإلى أسواقها أسواقاً جديدة، ويعمق إمكانات الشركة ويزيد من انتشارها، وهذه المقدمة تقودنا إلى السؤال الكبير: ماذا سيضيف هذا الاستحواذ إلى الاقتصاد الوطني؟. فإذا كان الهدف من هذا الاستحواذ هو تنويع مصادر الدخل من خلال نقل الحصة التي يمتلكها صندوق الاستثمارات إلى ملكية أرامكو السعودية، فإن الأمر سيكون أفضل لو انتقلت الملكية للمواطنين وللشركات السعودية الأخرى، فمن الأفضل أن تركز شركة أرامكو على مهامها الرئيسة. وإذا كان الهدف تعزيز قدرات سابك وتمكينها من إقامة مجمعات لتصنيع البتروكيميائيات بالقرب من مصافي أرامكو، فإن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال شراكات فاعلة وطويلة الأمد، خاصة أن أرامكو وسابك شركتان وطنيتان تمتلك الدول الحصة الكبرى فيهما. أما إذا كان الهدف هو إصلاح قطاع البتروكيميائيات وتطويره من أجل زيادة حصة المملكة في هذا القطاع الواعد على المستوى الدولي، فإن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال رؤية واضحة من قبل وزارة الطاقة تهدف إلى تشجيع بناء شراكات فاعلة بين الشركات السعودية في هذا المجال. بناء عليه، أخشى أن يؤدي هذا الاستحواذ إلى الاحتكار، ومن ثم الإضرار بالشركات الأخرى في مجال البتروكيميائيات أو المجالات الأخرى ذات الصلة، إن الخشية أن تتحيز أرامكو لسابك في تعاملاتها على حساب الشركات السعودية الأخرى، مما سيقلص المنافسة في هذا القطاع الحيوي والمهم. باختصار، إذا كان الهدف هو تطوير قطاع البتروكيميائيات فهناك سبل كثيرة لتحقيق ذلك، وإذا كان الهدف زيادة إمكانات صندوق الاستثمارات العامة على تنويع مصادر الدخل للمملكة، فيمكن تحقيق ذلك أيضاً من خلال بيع حصته في سابك لغير أرامكو، وإذا كان توسع أرامكو هو الهدف، فينبغي أن يكون خارج دائرة الاقتصاد السعودي لتعزيز استدامة التنمية، ولا شك أن عقد شراكات فيما بينهما أفضل من الاستحواذ والسيطرة لخلق بيئة تنافسية رائعة، وهذه تبقى وجهة نظر وإن كانت مختلفة، فإنها تُضاف إلى وجهات النظر الأخرى حول التزاوج بين أكبر شركتين في المملكة. Your browser does not support the video tag.